من يستنزف من؟
لم يعد لفريق لبناني “متأمرك” حتى النخاع من عمل يومي سوى ترويج الأكاذيب ضد سورية باتهام حلفائها أنهم يهرّبون لها المازوت والدولار. وهذا الاتهام الذي تتبناه وسائل إعلام مموّلة من دول خليجية هو ورقة ضغط “أمريكية” تسعى لترسيم الحدود اللبنانية السورية بذريعة وقف التهريب الذي يستنزف الاقتصاد اللبناني وخاصة القطع الأجنبي!.
حسناً.. إذا كانت سورية تستنزف لبنان بالمازوت والقطع الأجنبي، فمن حق الفريق “المتأمرك” أن يرفع الصوت عالياً، لأنه أساساً لا يعترف بما نصّ عليه الدستور اللبناني لناحية إقامة أفضل العلاقات بين البلدين. أما إذا كان هذا الفريق يكذب فهذا دليل على انخراطه بالمؤامرة الأمريكية ليس على سورية فقط وإنما ضد محور المقاومة أيضاً. ولكي نميّز الخيط الأبيض من الأسود فلنسأل: من يستنزف اقتصاد من.. سورية أم لبنان؟.
طيلة ثلاثة عقود من الزمن، أي قبل تحرير أسعار المشتقات النفطية تدريجياً في سورية ابتداء من عام 2008، كانت مناطق ومدن لبنانية وخاصة القريبة من الحدود تعتمد على المازوت السوري، حيث كان سعر الليتر منه رمزياً يتراوح على مدى أربعين عاماً ما بين 4-8 ليرات سورية.
ومن المهمّ الإشارة هنا إلى اعتراف علني لرئيس حكومة لبنانية سابق أمام الإعلاميين رداً على سؤال عن عدم تزويد الحكومة منطقة البقاع باحتياجاتها من المازوت في عز الشتاء: تعرفون مثلنا أن هذه المنطقة تستجر حاجتها من المازوت من سورية. وهذا اعتراف رسمي بأن سورية كانت تستورد بالقطع الأجنبي حاجة السوريين وجزء كبير من اللبنانيين من مادة المازوت. ومع ذلك لم نسمع احتجاجاً من الفريق المتأمرك عن استنزاف لبنان للمازوت السوري!.
وحسب تقديرات مصادر متعدّدة فإن ودائع السوريين في لبنان تتراوح بين 30- 50 مليار دولار بفعل الفائدة العالية التي أغرت من خلالها المصارف اللبنانية الكثير من التّجار والفاسدين السوريين. وهذا يعني أن نسبة كبيرة من احتياطي لبنان من القطع تعود لسوريين، دون أن تحتج الحكومات السورية المتعاقبة على استنزاف القطع الأجنبي السوري، أو أي مطالبة باسترداد هذا القطع الذي خرج تهريباً، وقسم كبير منه نتيجة عمليات وصفقات فاسدة. وقبل توجيه اتهامات بتهريب الدولارات إلى سورية، فليعد المصرف المركزي اللبناني دولارات السوريين إلى سورية أو إلى أصحابها على الأقل.
أما الاتفاقات المشتركة فجميعها لمصلحة لبنان، ولو كانت عكس ذلك لألغاها رؤساء حكومات سابقون يجهرون بالعداء لسورية، وهم جمّدوا تنفيذها لا بسبب أنها تضرّ بمصالحهم، وإنما بأمر أمريكي لاستخدام لبنان ورقة ضغط دائمة ضد سورية. والأهم من ذلك كله أن الترويج لإشاعات تهريب المازوت والدولارات إلى سورية في الأشهر الأخيرة تبيّن مؤخراً أنها أكاذيب سوداء!!.
لقد كشفتْ وسيلة إعلام لبنانية بالوثائق والأرقام أن هذه الشائعات أكاذيب، لأن كلفة التهريب إلى سورية مرتفعة وغير مربحة، وتجار المادة يستغلون شحها لبيعها في السوق السوداء داخل لبنان. والأهم من ذلك كله أن إيران أعلنت مراراً أنها مستعدة لبيع لبنان المحروقات بالليرة اللبنانية.. فلماذا تستقوي سورية على مازوت لبنان الشحيح ولا تستجره من إيران؟!.
وبما أن من يقوم بغش المازوت والاتجار به بيوتات سياسية شهيرة بالفساد، فقد وجدت باتهام سورية وسيلة فعّالة للتغطية على تجارتها الفاسدة، ولتبييض وجوهها السوداء أمام الأمريكان.
بالمختصر المفيد: لقد كانت سورية دائماً وأبداً البوابة الواسعة لتسويق المنتجات اللبنانية، وكانت المنفذ الوحيد لمدّه بالكهرباء ولم تقم باستنزافه في أي يوم وتحت أي ظرف.
علي عبود