يجب رفع العقوبات عن سورية
“البعث الأسبوعية” ــ معهد شيللر
كان يجب على تاريخ البشرية أن يعلمنا ذلك، مرة واحدة وإلى الأبد، وهو أن التجويع سلاح حرب، بل وأكثر من ذلك في عالمنا الحديث، حيث القدرات الإنتاجية تجعله مفارقة تاريخية لا تحدث. كذلك، لا يسعنا إلا أن نتساءل عندما يقوم برنامج الغذاء العالمي بإضافة سورية إلى قائمة الدول المتضررة من الجوع، فيما توقفت المعارك بشكل جوهري منذ العام 2019، باستثناء تلك التي تحرض عليها قوى أجنبية!!
الواقع المأساوي في سورية اليوم سوف يرتد، ومن ضمنه المصالح، على الدول الغربية إن استمرت في القبول الأعمى بأن يصبح السكان، الذين عانوا سنوات من الحرب والحرمان، رهينة الآن للحسابات الجيوسياسية.
بشكل ملموس، فإن سياسة العقوبات الاقتصادية التي يدعمها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تشل تماماً الحياة الاقتصادية لسورية، وتمنع سكانها من العيش من دخولهم. التجارة الدولية محظورة بحيث يتم خنق البلاد تدريجياً بحصار لا يرحم.
وعلى هذا النحو، فإن سورية محكوم عليها بالعيش في حالة اكتفاء ذاتي حيث تم تدمير اقتصادها وبنيتها التحتية، وتعاني من سرقة وتدمير مواردها من قبل القوات الأجنبية، واضطر ملايين السوريين المهرة لسلوك طريق المنفى. العواقب، التي يمكن توقعها تماماً، ماثلة أمامنا: كل شيء مفقود، وانهيار سعر الليرة السورية، ولم يعد السوريون قادرين على الوصول إلى نفطهم، وبالتالي لا يمكنهم التدفئة. وأكثر من 60٪ (12.4 مليون شخص) من السكان لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء، وفقاً لأرقام برنامج الأغذية العالمي.
تهدف سياسة العقوبات بوضوح إلى منع إعادة إعمار سورية، ومواصلة الحرب التي خسرها التحالف الدولي بوسائل أخرى. على الرغم من ادعائه الرغبة في سحب القوات الأمريكية من سورية، حتى أنه بدأ في القيام بذلك، إلا أن دونالد ترامب لم يوقف هذه العقوبات غير العادلة، بل وأضاف قانون قيصر إليها. ولم ينحرف خليفته عن هذا المسار، بل وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي، أصدر الأمر بقصف أهداف في سورية، وهو عمل حربي صارخ مرة أخرى.
لذلك، لتبرير المحنة التي يفرضونها على السكان المدنيين، وعلى بلد بأكمله، تلوح الدول الغربية بفزّاعة النظام، حتى ولو كان ذلك يعني أن تكون هذه الدول أقل مصداقية. ولكن الموقف من نظام لا يمكن أن يبرر تعذيب شعب.
وبعيداً عن أبسط الإنسانية، فإن هذه السياسة ليست ضالة جوهرياً فحسب، بل إنها تضر بمصالحنا الخاصة من خلال الحفاظ على بؤرة عدم استقرار مواتية لكل نزعات التطرف.
نود أيضاً أن نستعيد، بهذا الصدد، النداء الذي وجهته 137 امرأة فرنسية – سورية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة، والذي يقول في بضع كلمات جوهر وضع مأساوي.
12 آذار 2021
www.institutschiller.org