الفقر يحاصر تركيا.. بين “تضخم متوحش” وحكومة لا تبالي
يعطي الاقتصاد التركي الذي كان هشاً أساساً قبل أزمة الوباء إشارات مقلقة مع استمرار التضخم، وضعف قيمة الليرة التركية، وشهدت بعض المواد الغذائية مثل الزيت أو منتجات الحليب ارتفاعاً بالأسعار في الآونة الأخيرة بشكل أسبوعي، ويقول أحد المستهلكين الأتراك الذي جاء للتبضع من أحد الأسواق: “سعر زيت الزيتون الآن يعادل سعر الذهب”، وخلف السخرية، هناك مأساة يواجهها العديد من الأتراك من ذوي الدخل المحدود الذين صاروا فجأة تحت عتبة الفقر، وبات العثور على شيء يأكلونه دون كلفة عالية صراعاً يومياً.
وبحسب تقرير للبنك الدولي نشر في نيسان 2020، فإن 13.9% من الأتراك يعيشون تحت عتبة الفقر الوطنية المحددة بـ 4.3 دولارات في اليوم للشخص الواحد، وتقول هاجر فوغو مؤسسة منظمة “شبكة الفقر العميق” غير الحكومية: “أعمل منذ عشرين عاماً في أحياء فقيرة لمساعدة الناس الذين يعيشون في الفقر، لم يكن تأمين الطعام قط مشكلة كما هو اليوم”، وأضافت: “في الماضي، إذا لم يكن لديك طعام يمكن أن تطلب من الجيران، ولكن اليوم حتى الجيران ليس لديهم أي شيء أيضاً”، الفقر لم يعد يطال فقط هؤلاء الذين كانوا دائماً في أوضاع صعبة، وإنما أيضاً الفئات التي كانت تظن أنها بمنأى منه.
ويقول ارينج يلدان أستاذ الاقتصاد في جامعة قادر هاس في اسطنبول: “إن السياسات النقدية السيئة التي شجعت النمو القائم على أساس المديونية وانعدام الثقة في الأسواق هي السبب وراء ارتفاع التضخم”، وأوضح: “كان التضخم يبلغ رسمياً 14.6% في 2020، لكن هذا الرقم ليس سوى المتوسط، هو أعلى بكثير، ويبلغ حوالي 22% للمنتجات الغذائية التي تشكّل الجزء الأكبر من إنفاق السكان ذوي الدخل المتواضع”، ويقول الخبير الاقتصادي: “إن الزيادة التراكمية في الأسعار منذ عام 2018 للمنتجات الغذائية بلغت 55%”، وأضاف يلدان: “تحاول تركيا أن تجد طريقها في الضباب لأن المؤسسات قد هدمت، لا نقوم إلا بإنقاذ الأساس”، وخلص إلى القول: “هناك مشكلة حوكمة حقيقية”.