ثلاثون شخصية عالمية تتهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بتسييس تحقيقاتها
علي اليوسف
وقّعت أكثر من ثلاثين شخصية أممية وسياسية وعسكرية وأمنية على بيان أسموه “بيان القلق”، يعربون فيه عن قلقهم العميق إزاء تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية غير النزيهة، وهذا البيان هو لا شك أقل ما يمكن فعله تجاه منظمة دولية اختارت أن تسيّس تحقيقاتها تنفيذاً لأجندات خاصة لاستهداف دول معترف بها دولياً.
بدأت الرواية منذ أن نشرت المنظمة تقريرها النهائي في آذار 2019 حول الاستخدام المزعوم لأسلحة كيميائية في مدينة دوما عام 2018، والتي أثارت سلسلة مخاوف فيما يتعلق بإجراء ذلك التحقيق، كونه يشمل مخالفات إجرائية وعلمية كبيرة، وتسريب كمية كبيرة من الوثائق، وبيانات إدانة كاذبة قدمت إلى اجتماعات مجلس الأمن الدولي، ولكن مع مرور الأيام، رفض بعض كبار المفتشين المشاركين في التحقيق، والذين لعب أحدهم دوراً مركزياً، آلية استخلاص الاستنتاجات من التحقيق، وتعدى الرفض إلى اتهام إدارة المنظمة بإصدار نتائج لا أساس لها من الصحة، ليتكشف فيما بعد أن عدداً من المفتشين منعوا من حضور جلسات الاستماع لزملائهم المفتشين المكلّفين بالملف، ورغم مرور هذه الأيام، وتكشف الحقائق يوماً بعد يوم، لاتزال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ترفض الرد على الاتهامات الموجهة ضدها، الأمر الذي يضع إشارات استفهام كثيرة على عملها.
في الآونة الأخيرة، وفي تطور لافت، تم تسريب مسودة رسالة تثبت تورط إدارة المنظمة في شن هجوم خبيث ومعيب ضد مفتشين مخضرمين أثبتا عدم صحة رواية المنظمة بخصوص الهجوم المزعوم في دوما، والأبرز من ذلك أنه في مسلسل إذاعي على قناة BBC4، تم بثه مؤخراً، أجرى مصدر مجهول، يقال إنه مرتبط بتحقيق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دوما، مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، حيث ساهم في محاولة تشويه سمعة المفتشين المعارضين، والأهم من ذلك أن التسريبات الأخيرة في كانون الأول 2020 أثبتت أن عدداً من كبار مسؤولي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانوا يدعمون أحد مفتشي المنظمة الذي تحدث صراحة عن الإهمال الوظيفي الذي حصل، وهو ما يعني أن الأقنعة التي حاول الغرب التستر وراءها لتعزيز صحة مزاعمه انتهت إلى غير رجعة.
الأدلة السابقة تهدد بإلحاق ضرر جسيم بسمعة ومصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتقويض دورها الأممي في السعي لتحقيق السلم والأمن الدوليين، خاصة عندما لا تملك الجرأة للرد علناً على انتقادات ومخاوف علمائها الذين كشفوا ارتباطها بمحاولات تشويه سمعة هؤلاء العلماء من أجل تزييف الحقائق، وتحميل الدولة السورية مسؤولية هي براء منها.
كان من المفترض أن يخدم المدير العام مصالح المنظمة من خلال توفير منتدى شفاف ومحايد يمكن فيه الاستماع إلى مخاوف جميع المحققين، فضلاً عن ضمان استكمال تحقيق موضوعي وعلمي بالكامل، لذلك المطلوب من المدير العام التحلّي بالشجاعة لمعالجة المشاكل داخل منظمته فيما يتعلق بهذا التحقيق، وضمان إبلاغ الدول الأطراف والأمم المتحدة بذلك، لأنه دون هذه الطريقة ستفقد المنظمة المصداقية والنزاهة، وقد تزيد من تعقيد الأزمات الجيوسياسية على المستوى العالمي.