المعلمون ينابيع عطاء
ربيع سورية هو ربيع العلم والمعرفة، ربيع القصيدة والكتاب، ربيع الأبجدية والمعادلات الرياضية، ربيع سورية محطات غنية بذكرياتٍ لينابيع قاهري أهل الجهالة والظلام بنور العلم والمعرفة.
من هذه المحطات ذكرى عيد المعلم العربي، المعلم الإنسان المعطاء الذي نذر نفسه لخدمة تلاميذه، فهو صاحب الوجدان الطيب النقي الذي يتعب جسده ويجهد مشاعره ويبحث ويفتش ليقدّم المعلومات لتلاميذه ويستنفد كل احساساته من أجل بناء الإنسان القادر عقلياً ونفسياً وعلمياً على خدمة وطنه. يقول القائد المؤسّس حافظ الأسد: “المعلمون بناة حقيقيون لأنهم يبنون الإنسان والإنسان هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة”. ذكرى عيد المعلم حيث التطلع دائماً إلى مستقبل باهر لأبنائنا، والفضل الأول في هذا الأمر يعود إلى دور المعلم في تنمية وتثقيف الطلبة لخلق جيل عربي مؤمن بعروبته، متحلٍ بالعلم، متسلح بالثقافة، ليكون القاعدة القوية والمتينة لمجتمع أفضل، ذلك أن عظمة أية أمة تُقاس بالعلم والمعرفة والوعي، فبالمعرفة والثقافة تتقدم المجتمعات وتنهض الأمم وتتطور، وتبلغ أعلى المستويات في ميادين الرقي والتقدم. وإذا كان العلم هو السبب في تحقيق طموحات الأمم وتقدمها، فإن المعلم هو الذي يعدّ الإنسان المنتج والمبدع، ويُؤهّله في مراحل التعليم كافة، إنه عصب الحياة، والرسول الذي يحمل النور إلى العقول، فهو كالشمعة التي تضيء الطريق، يتعب جسده ويجهد مشاعره، يبحث ويفتش ليقدّم المعلومات لتلاميذه من أجل بناء الإنسان القادر عقلياً ونفسياً وعلمياً على خدمة وطنه. وتكريماً للمعلم، وعرفاناً بجهوده في تنشئة الأجيال تنشئة صالحة كان هناك عيد للمعلم العربي انطلاقاً من الدور الجوهري الرائد لبناة الأجيال في إعداد الإنسان وتأهيله في مختلف مراحل التعليم والتربية، وهذا ما أكدّه الرئيس المؤسّس حافظ الأسد بقوله: “إن أهم العناصر في معارك الحياة ومواجهة الأخطار هو الإنسان، فلنستمر في بناء الإنسان، المؤمن بوطنه، الصوفي في أرضه، العاشق مجد بلاده، لنبنِ الإنسان الذي يبحث في خلود شعبه، لنبنِ الشهيد الحي إنه كنز الحياة وتراث الخلود، لنعّلم أولادنا الغيرية لا الغيرة”.
القدوة والمثل
إن صورة المعلم التي ارتسمت في الأذهان هي صورة الإنسان القدوة، الإنسان الرائد، الإنسان المناضل، فالمعلم في مدرسته والمعلمة في مدرستها يمارس كلاهما النضال من خلال ما يُغرس في نفوس التلاميذ والطلبة من مؤهلات وصفات تجعل منهم جيلاً قادراً على حمل المسؤولية، وعلى متابعة النضال الوطني بكل جوانبه.
المعلمون ينابيع عطاء يتغذى الناشئة من عصارة فكرهم، وينهلون من علمهم، يغرسون في النفوس حب الوطن ومكارم الأخلاق، يملؤون الرؤوس شهامة، والنفوس فضائل، والعقول إبداعاً، يعطون من جهدهم وفكرهم لتكوين المواطن الصالح، المنتج، المحب للعمل، المتفاني في خدمة وطنه. لقد أدّى المعلم دوراً أساسياً في بناء المجتمعات من خلال نضاله ضد التخلف والظلم والفقر بما يغرسه في نفوس الناشئة من قيم وفضائل تجعلهم قادرين على متابعة النضال الوطني بكل جوانبه، فكان للمعلم الفضل في تغيير الواقع المتخلف تغييراً جذرياً وبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية. فقد أدى المعلمون عبر تاريخهم الطويل مهام نضالية وتحمّلوا شتى صنوف الظلم والاضطهاد في سبيل نشر العلم والمعرفة والتربية الوطنية الصادقة بين الجماهير، واستطاعوا أن يحقّقوا مكسباً لهم بصدور قانون نقابة المعلمين رقم 187 تاريخ 5/6/1960 الذي يعتبر تحولاً كبيراً في تاريخ المعلمين. وتطور العمل النقابي خاصة بعد قيام الحركة التصحيحية المباركة واتسعت قاعدة المعلمين عبر تنظيمهم النقابي وصدور المرسوم رقم 82 لعام 1970 الذي حوّل نقابة المعلمين إلى منظمة شعبية، كي يتاح للمعلم أن يأخذ دوره الفاعل والمهني في الحياة النقابية والسياسية للمشاركة في بناء المجتمع، وتدعيم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتطوير العمل. وبصدور القانون رقم 10 لعام 1982 يكون التنظيم النقابي قد تبوأ مكاناً بارزاً على الساحة النضالية والتربوية والتعليمية.
وللمعلم دور أساسي في بناء المجتمعات، فهو المحّرك الفاعل في الثورات الإنسانية ضد التخلف والظلم والفقر بما يغرسه في نفوس الناشئة من قيم وفضائل تجعلهم قادرين على متابعة النضال الوطني بكل جوانبه، إنهم الطليعة الواعية المثقّفة التي لها الفضل في تغيير الواقع المتخلف تغييراً جذرياً لبناء مجتمع العدالة والتقدم والازدهار. لقد أدّى المعلمون عبر تاريخهم الطويل مهام نضالية خالدة وتحمّلوا شتى صنوف الظلم والاضطهاد في سبيل نشر العلم والتربية بين الجماهير. وخلال الأحداث الأخيرة المؤلمة التي شهدتها سورية بفعل المجاميع الإرهابية الظلامية المسلحة التي عاثت فساداً وتخريباً وقتلاً وتدميراً، كان للمعلمين دور مُشرّف في التصدي لبرابرة العصر، أعداء العلم والنور، فمنهم من استُشهد وهو على رأس عمله أو في منزله، وبعضهم الآخر في أرض المعركة. وكل ذلك انتقاماً منهم لأنهم ذهبوا إلى عملهم، ولبّوا نداء وطنهم مصمّمين على إكمال مسيرتهم حتى في أخطر الأوقات، فكانت مكافآتهم من قبل أولئك المسلحين –أعداء العلم والحضارة– القتل والخطف والتعذيب بهدف وأد العلم والمعرفة وإطفاء الفكر التنويري ليحلّ محله الجهل والتخلف والفكر الوهابي الظلامي التكفيري. لقد استطاع المعلمون أن يُؤدّوا مهامهم النضالية والتعليمية والتربوية على أكمل وجه، كما حظيت العملية التربوية بالاهتمام الكبير بصفتها الأداة الفاعلة في عملية البناء الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ولاسيما في عصرنا الراهن الذي يتسم باتساع المعرفة والثورة التكنولوجية المتسارعة، حيث التوجه الجاد لإيجاد صيغ تربوية متطورة وقادرة على مواكبة المستجدات العلمية والتربوية والتفاعل معها وتوجيهها لخدمة أهداف التنمية الشاملة. ويبقى المعلم حجر الأساس في العملية التربوية، ولهذا يجب أن ينال كل تقدير واحترام، وأن يكون محطّ رعاية واهتمام، فمهنته أشرف المهن لأنها أبعدها عن الأنانية وأشدها إنكاراً للذات.
تحية لمن يسهر ويعطي ويُضحي ويزرع في النفوس القيم النبيلة وحب الوطن، والرحمة لمن استُشهد من المعلمين. تحية لكم أيها المعلمون في عيدكم فأنتم أصحاب فضل سابغ عميم شامل أبناء الوطن، بُوركت جهودكم.. وكل عام وأنتم بخير والوطن وقائد الوطن بخير.
إبراهيم أحمد