أغنيات عيد الأم… فن خالد
يتنافس الأبناء في كل “عيد أم” على تقديم الهدايا لأجمـل ملاك، ويحتارون ما هي الهدية التي ستحظى بإعجاب “الماما” وستكون الأقرب إلى قلبها، وتنتقل أجواء المنافسة تلك بقوة إلى ساحة الغناء والطرب، أليست الأغنية الجميلة..هدية؟! ولعل هذا ما جعل التنافس يظهر بشكل واضح بين الأغنيات في المشهد الفني الغنائي، فكما نعلم أن مالا يمكن تجاهله في هذا اليوم هي “أغاني عيد الأم” التي ترافقنا منذ بداية التحضيرات والاحتفالات لهذه المناسبة وتكون حاضرة بقوة منذ بداية اليوم حتى نهايته.
يبدو أن تقديم أغاني مرتبطة بعيد الأم أصبح تقليد متعارف عليه، حيث يتنافس المطربون سنوياً لتقديم أغانٍ من وحي المناسبة، ويطلق أغلبهم أعمالاً فنية غنائية موجهة لها تتحدث عن عطائها العظيم وتفانيها الذي لا مثيل له، وعلى الرغم من أن البعض قد يعتقد أن الأغاني “المرتبطة بمناسبة معينة” أي بمعنى آخر تذاع في أوقات محددة من العام قد لا تحمل إغراء للكثير من الفنانين فهم قد يفضلون عليها تلك الأغاني “الحرة” التي لا ترتبط بتوقيت محدد، ولكن الواقع يؤكد أن الكثير من الفنانين يتجاهلون هذا التخوف وهذه الطريقة من التفكير فعبر السنوات المتعاقبة استمرت الأجيال الفنية المختلفة على إصدار أغانٍ كتبت ولحنت وصنعت خصيصاً لعيد الأم، ولعل الأجمل من كل هذا أن بعضها حقق نجاحاً باهراً لا مثيل له وأصبح جزءاً خالداً لا ينسى من ذاكرة الجمهور العربي، وقد تكون أغنية “ست الحبايب” غناء فايزة أحمد وتلحين محمد عبد الوهاب وكلمات حسين السيد خير مثال على النجاح المنقطع النظير الذي يمكن أن تحققه أغنية موجهة للأم، فقد حققت المعادلة الصعبة في هذا المجال وأصبحت “الأغنية الخالدة” وليس هذا فحسب بل تم اعتبارها بمثابة النشيد الوطني لعيد الأم، فرغم مرور 63 عاماً على إطلاق “ست الحبايب” إلا أنها ما تزال إلى اليوم أيقونة أغاني هذا العيد وكل الأغنيات التي جاءت بعدها لم تستطع أن تحقق المكانة التي تبوأتها أو أن تلامس الأثر الفريد الذي تركته لدى الجمهور، فهي الأغنية الأهم على الإطلاق والتي تربعت بكل امتياز على عرش أغنيات الأم رغم ظهور العديد من الأغنيات لأكبر وأهم مطربي العالم العربي، وربما لا يمكن سوى لأغنيتي “أمي يا ملاكي” لفيروز، و”أحن إلى خبز أمي” لمحمود درويش ومارسيل خليفة أن يكونا في مرتبة الخلود التي وصلت إليه “ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحي ودمي”، وبالطبع نحن لا نبخس جهود كل من غنى وكتب ولحن للأم فهناك الكثير ممن قدموا أغاني عظيمة مثل شادية وصباح وسعاد حسني، ولا يمكن أيضاَ بأي حال أن نتجاهل الأجيال الجديدة التي قدمت ما استطاعت إليه سبيلاً في درب أغنيات الأم وأضافت نكهة عصرية جديدة لعالمها، لكن خلود الأغنية يبقى شيئاً مختلفاً.. وحلماً يراود الجميع و لا يحققه إلا القليل ممن يستحقه.
لوردا فوزي