في حلب.. رقابة غائبة وإجراءات رخوة والمستهلك لا حول ولا قوة!
حلب- معن الغادري
على وقع الارتفاع الحاد وغير المسبوق في الأسعار والتذبذب الحاصل في سعر الصرف وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية، فقد ذوو الدخل المحدود والمتوسط معظم خياراتهم في تدبير أحوالهم وأوضاعهم المعيشية التي تسوء يوماً بعد يوم في ضوء تزايد متطلبات واحتياجات الأسرة اليومية، وخاصة في مثل هذه الأوقات من السنة، والمتزامنة مع قدوم شهر رمضان المبارك ومن بعده عيد الفطر السعيد، وما يترتب على هاتين المناسبتين من مصاريف ونفقات مضاعفة.
ولعلّ أكثر ما يقلق الأسرة هو جنون الأسواق والارتفاع اللحظي والمزاجي في أسعار السلع الغذائية والخضار والفواكه واللحوم وغيرها من المواد الأساسية اليومية، وهو ما ترك الكثير من إشارات الاستفهام حول جدية الإجراءات المتخذة من الجهات المعنية في المحافظة، وتحديداً مديرية حماية المستهلك المتهمة دائماً بالتقصير، وبأنها لا تقوم بالمهام المنوطة بها على أكمل وجه، ما أدى بالنتيجة حسب إجماع الآراء إلى هذا الانفلات غير المسبوق في الأسعار، ما زاد من حالة الجشع والاستغلال والاحتكار والغش والتدليس، ووسّع من نطاق السيطرة والتحكم بالسوق من قبل كبار وصغار التجار ومرتزقة الأزمات الذين يأكلون “البيضة وقشرتها”، ويتحكمون بقوت المواطن دون أي وازع أخلاقي أو إنساني.
يعزو البعض أسباب عدم استقرار وثبات الأسعار إلى عدم التعاطي الجديّ مع هذا الملف، وإلى ضعف القوانين والتشريعات النافذة وسهولة الالتفاف والتحايل عليها من قبل المتنفذين والتجار الجشعين.
في خضم هذه الفوضى تغيب الأجوبة الصريحة والشفافة، وتأتي التبريرات من قبل المعنيين فضفاضة وغير مقنعة، ليزداد الوضع سوءاً ولترتسم من جديد علامات استفهام عريضة حول غياب الحلول الجذرية لمجمل الأزمات المعيشية المتتالية، في الوقت التي تتسع فيه دوائر الاحتكار والاستغلال والتلاعب بالأسعار وبقوت المواطن.
سطوة التجار..
قبل أيام قليلة كثّفت غرفة تجارة حلب بكامل أعضائها اجتماعاتها ولقاءاتها مع العديد من الفعاليات ومع المعنيين برسم السياسة الاقتصادية في المحافظة، بهدف إحداث تحول إيجابي وإعادة التوازن لحركة السوق وتنشيط حركة العرض والطلب والترويج للمنتج الوطني والتخفيف ما أمكن من حدّة الأسعار، إلا أن هذه المساعي بقيت حبراً على ورق ولم تنجح في كبح جماح كبار وصغار التجار الذين ما زالوا يفرضون سيطرتهم على السوق من خلال تحكمهم بالأسعار على مزاجهم ومقاسهم، ما يطرح سؤالاً مهماً هو: من يحدّد التسعيرة النظامية في السوق؟ وعلى أية معايير تستند دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك لوضع التسعيرة اليومية للمواد والسلع الاستهلاكية.
يبيّن في هذا السياق مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حلب المهندس أحمد سنكر طرابيشي أن نشرة الأسعار التي تصدر عن حماية المستهلك يتمّ اعتمادها بعد قيام لجنة من المراقبين بجولات على سوق الهال لسبر الأسعار ومقارنتها مع تكاليف إنتاج الجملة لكل مادة، وذلك بالتواصل مع كبار تجار الجملة والاطلاع على الفواتير النظامية للتكاليف، وعلى ضوئها يوضع السعر النظامي مع إضافة هامش ربح لكل من تاجر الجملة والمفرق ليتمّ إحداث توازن سعري مع هوامش ربح مقبولة، وتتمّ مراقبة الأسواق بشكل يومي ولحظي وفي بعض الأحيان تقوم المديرية بإصدار نشرة سعرية واحدة أسبوعية أو أكثر، وكل ذلك يبقى مرهوناً بمعطيات السوق وبمؤشرات العرض والطلب.
ويضيف المهندس سنكر: هناك مواد أساسية يتمّ تسعيرها من دون التواصل مع التاجر كزيت الزيتون والخبز السياحي والحلاوة الطحينية والمعكرونة، إضافة إلى الزيوت النباتية والزيوت المعدة للاستخدامات الصناعية، وتختلف أسعار هذه المواد حسب كمياتها المطروحة والمعبّأة ضمن عبوات بلاستيكية أو غير بلاستيكية.
ويتابع سنكر حديثه لـ”البعث”: لا شك أن تذبذب سعر الصرف -ارتفاعاً وانخفاضاً- تسبّب بحدوث خلل في ميزان السوق ونحن كحماية المستهلك قمنا بالإجراءات المطلوبة لمنع استغلال هذا الظرف الطارئ من خلال تشديد الرقابة وتكثيف الدوريات الرقابية النوعية والتخصصيّة لرصد كافة الحالات والتجاوزات والمخالفات بما يتعلق بعمل الأفران وتجار الجملة والمفرق والمعامل الإنتاجية، والتأكد من الالتزام بالأسعار المعتمدة وإبرازها بشكل واضح وبصحة الفواتير المصدرة وبجودة وسلامة المنتج، إضافة إلى سحب العينات وتحليلها، وهو عمل يومي نقوم به نجح إلى حدّ مقبول في ضبط السوق.