سنوات الحرب امتحنت إمكانيات المرأة.. وأثبتت كفاءتها وشراكتها للرجل
دمشق- بشير فرزان
استطاعت المرأة السورية أن تثبت وجودها وجدارتها في مختلف مجالات الحياة، مؤكدة صحة مقولة “المرأة نصف المجتمع”، إذ برهنت على أنها لا تقلّ تضحية وشجاعة عن أي رجل، عندما وهبت النساء السوريات حياتهن في دروب الشهادة لمواجهة الإرهاب، وطبعاً المرأة العاملة كانت شريكاً أساسياً في الدفاع عن الوطن في مواجهة الإرهاب وجائحة كورونا، وبقيت شامخة تعطي الآخرين إبداعاتها وتضحياتها من أجل أن يعيشوا حالة الفرح الحقيقي كما هو الانتصار.
وقد قطع الاتحاد العام لنقابات العمال شوطاً كبيراً في مجال تعزيز نشاطه بين صفوف النساء العاملات، ورعاية شؤونهن والدفاع عن حقوقهن وحقوق العمال كافة، وكانت تجاربه غنيّة في هذا المجال، حيث استطاع استقطاب اهتمام المرأة العاملة لبرامجه ونشاطاته المختلفة من خلال ما تقوم به لجنة المرأة العاملة والطفل المركزية واللجان الموجودة في كافة اتحادات عمال المحافظات.
امتحان حقيقي
مارييت خوري أمينة الثقافة والإعلام في الاتحاد، “رئيسة لجنة المرأة العاملة والطفل المركزية”، وبمناسبة اليوم المرأة العالمي أكدت أن سنوات الحرب كانت بمثابة امتحان حقيقي لإمكانيات المرأة التي صنعت الأمل واقتحمت ميادين العمل، وأثبتت وبشهادة المجتمع أنها أكثر كفاءة وديناميكية في العمل، فلم يعد دورها مقتصراً على الوظائف المكتبية والإدارية، بل تخطته ليكون لها حضور حقيقي في ساحة العمل المهني، وأصبحت مفصلاً مهمّاً من مفاصل الحياة، كما كانت الشريك الحقيقي جنباً إلى جنب مع الرجل في المعامل والمؤسسات غير آبهة بصعوبات العمل. وأضافت: هذا الاعتراف ليس من قبيل المجاملة بل توثقه مواقع العمل المختلفة، بما فيها الأعمال الميدانية أو المجهدة، فكانت المهندسة العاملة في مراكز التحويل، وفنية الكشف والتأشير وعنصر الضابطة العدلية وعاملة الإنتاج والمديرة، وقبل ذلك كله الأم والمربية الفاضلة، وعلى الرغم من الأحداث المؤلمة والظروف الصعبة التي تعيشها المرأة السورية والتحديات الكبيرة التي عانت وتعاني منها، إلا أنها بقيت صامدة وتقاوم وتعمل بكامل طاقاتها، ولعلّ واقع المرأة السورية والمكانة المجتمعية التي حظيت بها طيلة العقود الماضية خير شاهد على ما حقّقته سورية من تقدم في مجال تمكين المرأة السورية التي قادت ومازالت تقود طلائع النصر والتنمية والعلم والبناء في هذا البلد الصامد المقاوم، واستطاعت بإصرارها وإرادتها أن تحقّق الكثير وأن تنجز الكثير في خدمة مجتمعها.
تفعيل الدور
خوري بيّنت أن الاتحاد عمل على تفعيل دور المرأة العاملة في جميع مواقع العمل وتنظيم نشاطاتها من خلال إحداث لجان للمرأة العاملة، لتتابع وبشكل يومي كل القضايا المتعلقة بعمل المرأة، وتفعّل حضورها بما يواكب المتغيرات ويحقق الأهداف في تنظيم برنامج الرعاية للنساء العاملات وفق خطة عمل مدروسة تكفل إيصال كافة المساعدات والخدمات لجميع العاملات دون استثناء، ووضع برامج للأنشطة التي تحقّق هذا الهدف بحيث تشمل رعاية أسر الشهداء (النساء والأطفال)، وبهدف دعم دخل الأسرة العاملة أطلق مشروع دعم اقتصاديات الأسرة العاملة بالتعاون مع هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
المظلة النقابية
وضمن الأعمال والخطوات التي عملت عليها لجنة المرأة العاملة والطفل، أشارت خوري إلى الجهود التي تُبذل من أجل تشميل جميع النساء العاملات في القطاع الخاص بالمظلة النقابية، وتحسين واقع عملهن بالتعاون والحوار مع أصحاب العمل لضمان بيئة عمل مناسبة وضامنة لحقوقها في مختلف المجالات. ولفتت إلى تكثيف الجهود الساعية لتنظيم عمل المرأة والأطفال في القطاع غير المنظم وحمايتهم وحفظ حقوقهم والدفاع عنهم، والعمل على استقطابها للمنظمة النقابية، وفي الوقت نفسه التعاون مع المرصد العمالي لإجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا القطاع وطرح الحلول المناسبة.
وأضافت: تتمّ دراسة واقع عمل دور الحضانة الموجودة من قبل فريق عمل مختص من جهات مختلفة لتحسين واقعها وتذليل كافة التحديات التي تواجهها والتوسع بإحداث دور جديدة في مختلف المؤسسات، مع التأكيد على ضرورة زيادة الاعتمادات المالية لهذه الدور بما يساعدها على أداء مهامها في رعاية أطفال العاملات بشكل أفضل، كما يتمّ إصدار المنشورات والملصقات التوعوية وإقامة الندوات بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية وغيرها من منظمات المجتمع المحلي أو الوزارات ذات العلاقة، وذلك لتنوير المجتمع وتوضيح المسيرة المشرفة للمرأة السورية، وإسقاط تلك الأفكار والمفاهيم التي تنال من حقيقة دور المرأة وتميّز بينها وبين الرجل بطريقة متخلفة تحرمها من حقوقها وتسجن طاقاتها وراء فكر ظلامي قائم على نظرة دونية للمرأة والمجتمع الأنثوي.
بيئة عمل
ومن أجل توفير ظروف عمل أفضل للمرأة العاملة، بيّنت خوري أن لجنة المرأة العاملة تحرص على إيجاد بيئة عمل مناسبة للمرأة العاملة، وتنظيم شروط العمل والتخفيف من حالات الإجهاد والأخطار المهنية والأعمال الصعبة، ومتابعة تأمين الفحوص الطبية الدورية الضرورية لها، ومتابعة التأمين عليها، كما يتمّ التركيز على كل ما من شأنه تشجيع المرأة العاملة بحيث يتمّ تكثيف البرامج والأنشطة ضمن برامج عمل لجنة المرأة العاملة والبناء على التجارب الناجحة التي تمّت وشكّلت علامات فارقة في عمل اللجنة، كالأعراس الجماعية التي حقّقت حزمة من الأهداف النقابية والاجتماعية والاقتصادية المثلى، والحال نفسها في مهرجان السياحة العمالية في دور الراحة في البسيط والذي مثّل خطوة متقدمة على صعيد تشجيع العمل السياحي، وتوفير أفضل الخدمات لأبناء الطبقة العاملة، إلى جانب زيادة الدعم في مجال المعارض الخاصة بأعمال العاملات وتوسيع دائرة الاهتمام بالأعمال الإبداعية من خلال إجراء دورات تدريبية لصقل المهارات وتطويرها، ومتابعة الحالات والتجارب المتفوقة ورعايتها بشكل كامل، كما هو مطبّق في مشروع دعم اقتصاديات الأسرة العاملة، إضافة إلى توسيع دائرة النشاطات في الأندية الصيفية لأبناء العمال، وتوطين الحالة الإبداعية ضمن أجواء النادي، والتركيز على جذب واستقطاب الطفولة المتفوقة والقادرة على تقديم حالة حضارية تنافسية للطفل السوري في مختلف المجالات، وذلك بالتعاون مع منظمة طلائع البعث وإدارة الأولمبياد العلمي.
ضمن مفاصل العمل
وعن خطة لجنة المرأة العاملة، أوضحت خوري مدى الحرص على إقامة علاقات أكثر انفتاحاً وتعاوناً مع المنظمات الوطنية والإقليمية والعربية الشقيقة والصديقة والدولية واليونيسيف واليونيفل وغيرها ذات المواقف الواضحة مع حقيقة الحرب الإرهابية، والتشبيك والتعاون مع المنظمات الشعبية الأخرى والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، إلى جانب العمل على إشراك لجان المرأة العاملة في كل اللجان المختصة بأنظمة وقوانين العمل لجهة التعديل أو التنفيذ والمتعلقة بعمل النساء والأطفال، وذلك بالتنسيق والتشاور مع وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية والعمل، إضافة إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
مواقع قيادية
رئيسةُ لجنة المرأة العاملة والطفل المركزية شدّدت على أن الاتحاد العام لنقابات العمال عزّز من وجود المرأة ضمن مفاصل العمل النقابي والدفع بها لتكون في مواقع قيادية داخل المنظمة النقابية، وتشجيعها على المبادرة وممارسة دورها النضالي النقابي على أكمل وجه، وركز على إيلاء مسألة التثقيف والتأهيل والتدريب كل الاهتمام والرعاية من خلال إقامة الدورات والندوات الثقافية المتنوعة، لتكون أكثر ثقافة واطلاعاً على قوانين العمل والحقوق والواجبات عامة، وما يتعلق بها خاصة.