فوضى الأسعار في ريف دمشق تثير تساؤلات حول نجاعة إجراءات “حماية المستهلك” بضبط الأسواق
قد يكون الحديث عن الأسعار، وما يدور تحت مظلة الأسواق من تلاعب واستغلال للأزمة الحاصلة من قبل التّجار، غير مجدٍ، ولاسيما أن بعض التجار امتهنوا الجشع والاحتكار ورفع الأسعار بشكل عشوائي، إضافة إلى بثّ الشائعات، ليعيش المستهلك في حالة قلق لم تستطع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تبديد تلك المخاوف وإقناع المواطن بأن أجهزتها الرقابية تلعب دور “حماية المستهلك” فعلاً، وخاصة في ظل الانتقادات وعدم الثقة بالأدوات الراهنة التي تمتلكها حمايةَ المستهلك، مع وجود شريحة واسعة من المستهلكين أجمعت أن ثمة دوراً رقابياً مفقوداً، ولاسيما وسط فوضى الأسواق وتناقضاتها!.
حاضر غائب
متابعون وصفوا دوريات حماية المستهلك بأنها الحاضر الغائب، في ظل غياب ضبط الأسعار من قبل عناصر الرقابة، ومع مسلسل فوضى الأسعار تشهد حلقة من حلقاته اتهامات لبعض مراقبي التموين الذين يتواجدون في الأسواق، لكن ليس لضبط المخالفات بل لقبض المعلوم الذي سرعان ما يعوّضه التاجر بزيادة في أسعار المستهلك المغلوب على أمره، إضافة إلى محاباة التجار وممارسة الانتقائية في عملها عبر غضّ الطرف عن الكثير منهم وعن العديد من المحال والمراكز التجارية، بل وصلت الازدواجية إلى أخذ وسحب العينات من المواد والسلع المشبوهة دون إي إجراء!!.
فقدان ثقة
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن ثمة فوضى عارمة نتيجة قصور عمل مديريات حماية المستهلك وفساد بعض العاملين فيها، وفقدان الثقة بين المواطن ودوائر حماية المستهلك، مؤكدين على تحويل العقوبات إلى وسيلة للردع وفرض القانون وضبط موضوع الفوترة، إضافة إلى استقلالية وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك، والتشديد على جودة السلع وتوافقها مع المواصفات وخاصة الصحية.
ورغم كل ما ذُكر من تلاعب وفوضى وارتفاع كبير للأسعار، تصرّ مديريات حماية المستهلك في المحافظات على أنها تقوم بدورها على أكمل وجه، وذلك من خلال تكرار لحن نوتة الأرقام والضبوط التموينية التي لم تعد تروق لأذن المستهلك، خاصة وأن الظروف الاستثنائية تحتاج إجراءات استثنائية أكثر فاعلية وتأثيراً في مثل هذه الظروف، والتشدّد بالعقوبات مع التّجار الذين يتحكمون بالأسواق مستغلين الوضع الراهن وفساد بعض دوريات الرقابة، ولاسيما أن التجار يتبجحون علانية بأن “دواء المراقب حاضر”!!.
رنانة
فعندما تؤكد مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق بتقرير لها بعدم تساهلها مع أي مخالف من أصحاب الفعاليات مهما كان نوع المخالفة، وأنها تتابع حركة الأسواق من حيث السعر والجودة في المواد وتوفرها ومواصفاتها واتخاذ أشد الإجراءات بحق المخالفين وإغلاق كل فعالية مخالفة، سواء في السعر أو المواصفة، وأن عناصر المديرية بحالة استنفار على مدار الساعة حيث يتمّ إغلاق الفعاليات المخالفة بعد تنظيم الضبوط بحق المخالفين.. تأتي تساؤلات بسيطة من قبل المستهلك: هل استطاعت المديرية ضبط السوق؟ هل قضىت على الاحتكار؟.. هل منعت غبن التجار بكل صنوفهم تجاه المواطن؟ هل منعت تعدّد الأسعار لسلعة واحدة في حي واحد؟.
ومع هذه الأسئلة التي لن نتوقع وجود إجابات عليها من قبل المعنيين، يبقى من الضروري تفعيل الرقابة الاستقصائية والجولات الميدانية على الأسواق ومتابعة وتقصي عمل عناصر جهاز حماية المستهلك، مع التأكيد على توفر النية والإرادة والبرنامج الواضح المنطلق من أخذ دور وزارة “حماية المستهلك” في ظل الأزمات، والمتمثّل بتدخل حقيقي عن طريق التدخل الإيجابي الفاعل!!.
علي حسون