دراساتصحيفة البعث

خياران كلاهما مر

ترجمة: هناء شروف

منذ دخوله البيت الأبيض، كان السؤال هو: هل ينجح الرئيس الأمريكي في تنفيذ اتفاق انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في الأول من أيار المقبل؟.

لقد شهدت الفترة الأخيرة سيطرة حركة طالبان على حي ألمار في محافظة فارياب، وقد أدّت أسابيع الحصار إلى ترك ألمار في حالة مزرية، لتعاني القوات الحكومية من نقص في إمدادات الطعام والذخائر في الأيام الأخيرة قبل سقوط الحيّ في أيدي طالبان. وكان موقف هذه القوات صعباً للغاية أثناء الحصار مما دفع أقاربهم إلى الاحتجاج في العاصمة الأفغانية لمطالبة الجيش بالتدخل لإنقاذ ما تبقى من الجنود النظاميين الذين قتل بعضهم والبعض الآخر استسلم، بينما لاذ آخرون بالفرار إلى قاعدة عسكرية على بعد 2 كيلو متر من ألمار، إلا أنها محاصرة هي الأخرى في الوقت الراهن وفقاً لسكان محليين في المنطقة، مما ينذر باقتراب سقوط القوات الحكومية في معركتها مع الحركة.

وقد أدّى تراجع عدد القوات الأفغانية من 13 ألف مقاتل العام الماضي إلى 3500 مقاتل هذا العام إلى إغلاق عدد كبير من القواعد العسكرية، وتراجع حجم القوات الأمريكية، علاوة على تضاؤل جهود المخابرات والمراقبة، وأدى ذلك إلى تحول جنرالات أفغانستان إلى الاعتماد بصفة أساسية على القوات الخاصة الأفغانية التي بدأت تتحمّل أكثر من طاقتها في الوقت الراهن.

لم يقتصر الأمر على مجرد مخاوف حيال تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان في حال انسحاب القوات الأمريكية من البلاد في الأول من أيار المقبل، بل أعرب مسؤولون أمريكيون في تصريحاتهم عن قلقهم إزاء تنفيذ خطة الانسحاب في موعدها. وقال الجنرال كينيث ماكينزي القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط: “إذا تمّ الانسحاب دون التوصل إلى اتفاق مع طالبان، أعتقد أن القوات الحكومية سوف تواجه قتالاً شرساً جداً من أجل الحفاظ على ما تسيطر عليه من الأراضي”، كذلك حذّر أنتوني بلنكين، وزير الخارجية الأمريكي، رئيس أفغانستان أشرف غني من أنه حتى مع استمرار تمويل الولايات المتحدة للجيش الأفغاني فمن دون وجود القوات الأمريكية قد يشهد الموقف الأمني المزيد من التدهور وقد تكسب طالبان المزيد من الأرض بسرعة أكبر.

بدأ القادة العسكريون الأمريكيون التحدث عن القوات الأفغانية بسلبية بعد سنوات من الحديث بتفاؤل وإيجابية عن مستقبل جيش أفغانستان، لكن يرجّح في ضوء هذا الزحف لحركة طالبان على مناطق جديدة وكسب أرض جديدة أن هناك معضلة تواجه بايدن أثناء صراعه من أجل إنهاء أطول حرب تخوضها بلاده في تاريخها. فمع كل تقدّم يحرزه مقاتلو طالبان وكل منطقة يسيطرون عليها في المرحلة الراهنة في أفغانستان تزيد العقبات أمام تنفيذ اتفاق سحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

ويبقى في ظل هذه التطورات خياران أمام بايدن، كلاهما مُرّ في الوقت الراهن، الأول هو أن يأمر بتنفيذ الانسحاب الأمريكي من الأراضي الأفغانية في الموعد المحدّد لذلك وفقاً لاتفاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما قد يمنح طالبان الفرصة في الاستحواذ والسيطرة على المزيد المناطق وكسب المزيد من الأرض.

أما الخيار الثاني فيتضمن الإبقاء على القوات الأمريكية لدعم القوات الحكومية أو جيش أفغانستان حتى يحدث ما يؤدي إلى إحياء محادثات السلام بين الجانبين، مما يهدّد بانهيار اتفاق ترامب لسحب القوات الأمريكية في الأول من أيار المقبل ومن ثَمَ يزيد من احتمالات تجدّد الهجمات من قبل حركة طالبان.