هل يضحي أردوغان بالإخوان؟
سنان حسن
يبدو أن المشاكل الداخلية والانهيار الاقتصادي من جهة، والعزلة الخارجية والنزاعات التي تحاصر تركيا من جهة ثانية، دفعت رئيس النظام رجب طيب أردوغان للهروب إلى الأمام للحفاظ على ما تبقى من مشاريعه وخططه التوسعية والعدوانية أقلها في بلاده التي تنتظره فيها انتخابات رئاسية حاسمة ولابد من طريقة ما لضمانها، لذا بدا فجأة وكأنه حمامة سلام يريد مصالحة جيرانه وخصومه، ابتداءً من الجارة اليونان والخلاف التاريخي معها على الحدود البحرية مروراً بالاتحاد الأوروبي والغزل غير المسبوق باتجاهه وأنه يتوقع تقارير إيجابية حول التزام أنقرة بمعايير بروكسل للانضمام إلى المنظمة القارية، ولكن التكويعة الأكبر كانت مع مصر وتراجعه- حتى الآن- عن كل الاتهامات التي ساقها لقيادتها عقب الانتفاضة الشعبية على حكم الإخوان المسلمين منذ حزيران 2013، فماذا يريد من كل ذلك هل بالفعل يرغب بتغيير سلوكه بعد أن وجد نفسه محاصراً داخلياً وخارجياً؟، أم أنها محاولة جديدة منه للاستفادة من المتغيرات الدولية؟، والأهم هل بالفعل سيضحي بعلاقته مع تنظيم الإخوان على مذبح مصالحه؟.
لقد شن نظام العدالة والتنمية على مدى ثماني سنوات تقريباً هجوماً غير مسبوق على الدولة المصرية بكل مفاصلها ومؤسساتها حيث فتح الهواء لقنوات ومواقع إخوانية لسب وشتم القاهرة، والأهم قيامه بإيواء عناصر التنظيم الإرهابي على أراضيه بعد فرارهم من مصر، كما دعم وسلح ونقل مرتزقة سوريين إلى جوارها الليبي وساهم بشكل مباشر في دعم إخوانها وإسنادهم في خاصرتها الرخوة، كما أيد ودعم موقف إثيوبيا في مشروع سد النهضة على النيل، والهدف الأول والأخير تهديد الأمن القومي المصري وتهيئة الظروف لتسهيل عودة الإخوان إلى سدة الحكم في أرض الكنانة.
وعليه فإن خروج أردوغان وزبانيته على المنصات للقول أنه يؤيد علاقات مميزة مع مصر فيها الكثير من الالتباس والريبة حول دوافعه ومبتغاه من وراء ذلك، فأردوغان يدرك أن المصالحة مع مصر يعني أن الكثير من القضايا الشائكة سيكون لها حل بداية من مسألة الحدود البحرية حيث الاتفاق مع القاهرة سيزعزع علاقة الأخيرة من أثينا بحسب اعتقاده، كما أن المصالحة معها سيقوده حتماً لأن يكون شريكاً في “منتدى غاز شرق المتوسط” وهذا يعطيه فرصة لتقديم نفسه كشريك أساسي في تأمين الطاقة لأوروبا، والأهم أن التقارب مع مصر يعني أنه ضمن تقارباً مع النظام السعودي والإمارات وهذا يضمن عودة الدفء لهذه العلاقة وما قد ينتج عنها من عودة الاستثمارات الاقتصادية الخليجية إلى تركيا التي تعاني ما تعاني حالياً ولكن الأهم أنه سيظهر أمام الإدارة الأمريكية الجديدة أنه متفاهم مع جيرانه في حلف واحد بانتظار الإيعاز لتنفيذ ماهو مطلوب منه في مواجهة روسيا والصين وإيران.
يعرف الجميع أن أردوغان وخلال مسيرته للاستيلاء على السلطة في تركيا باع رفاق دربه جميعاً وبالتوالي بداية من معلمه نجم الدين أربكان، مروراً برفيق دربه عبد الله غول وتالياً علي باباجان، صانع نهضة الاقتصاد التركي، وليس انتهاء براسم سياسات تركيا ومهندسها أحمد دواد أوغلو والهدف دائماً هو البقاء على كرسي السلطة وعدم التنازل عنه، واليوم وفي سبيل الاستمرار في مشروعه العثماني يقدم “الإخوان” كبش فداء جديد، ولكن السؤال المطروح هل يستطيع بالفعل التخلي عنهم وهم الحامل الرئيسي لكل مشروعه العثماني الجديد من وسط آسيا إلى شمال إفريقيا؟ لننتظر ونرى ماذا هو فاعل؟.