الناتو يبحث عن عدو جديد
سمر سامي السمارة
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالاً مطولاً للأستاذة المساعدة في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة “سيتون هول” سارة بيرج مولر تتوقع من خلاله أن يتخذ حلف شمال الأطلسي عدواً رسمياً جديداً يبرّر وجوده، وهو الصين.
تقول الكاتبة إنه بعد 30 عاماً على خسارة الاتحاد السوفييتي السابق كعدو رسمي لحلف الناتو، والبحث عن بديل لتبرير استمرار وجوده، ستكون الصين هي البديل المثالي، مع أنه من المستحسن أن يضع حداً لمعاناته وبؤسه، وإنهاء هذا التحالف المرهق مادياً وسياسياً لأعضائه.
كانت مهمة الناتو الأصلية هي الدفاع عن أوروبا بمواجهة ما يُسمّى احتمال “غزو الاتحاد السوفييتي السابق”، الذي كان شريكاً وحليفاً لأمريكا وبريطانيا في الحرب العالمية الثانية.
على مدى عقود من الزمن، كان احتمال الغزو السوفييتي لأوروبا معدوماً، فقد تضرّر بشكل كبير، بسبب الحرب العالمية الثانية، وخاصة نتيجة الغزو الألماني للبلاد. وعلى الرغم من صدّ الغزو في نهاية المطاف وهزيمة ألمانيا، فقد لقي ملايين المواطنين الروس حتفهم في الحرب، لذا، فإن آخر ما أراده الاتحاد السوفييتي هو حرب أخرى.
في المقابل، كانت الولايات المتحدة تمتلك أسلحة نووية وأبدت استعداداً لاستخدامها، لهذا السبب، احتاج المدافعون عن دولة الأمن القومي في الولايات المتحدة إلى عدو رسمي جديد ليحلّ محل ألمانيا النازية، وخاصة لتبرير تحول حكومة الولايات المتحدة من جمهورية ذات حكومة محدودة إلى دولة أمن قومي، وهو نوع من هيكل حكومي يتمتّع بصلاحيات مطلقة وغير قابلة للمراجعة. فكان الاتحاد السوفييتي و”الشيوعية” مناسبين تماماً لمشروع القانون، ثم غرست الإدارات الأمريكية المتعاقبة في نفوس الأمريكيين فكرة وجود مؤامرة شيوعية للسيطرة على الولايات المتحدة وبقية العالم.
تمّ تشكيل الناتو في هذه البيئة المناهضة للشيوعية، ولكن في عام 1989، انتهت الحرب الباردة بشكل مفاجئ غير متوقع، الأمر الذي وضع مؤسّسة الأمن القومي الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في حالة من الذعر، فقد كانت الحرب الباردة هي المبرّر لكل من هاتين المؤسستين، ومن دون حرب باردة، لابد من تفكيكهما. وبدلاً من ذلك، دخلت مؤسسة الأمن القومي ببساطة إلى الشرق الأوسط وبدأت بنخز أعشاش الدبابير، الأمر الذي أدى في النهاية إلى انتقام إرهابي، والذي أدى بدوره إلى “الحرب على الإرهاب”، وهو استفزاز آخر يهدف لإبقاء مؤسسة الأمن القومي.
في هذه الأثناء، بدأ حلف الأطلسي، الذي لا يرغب في السماح لروسيا بالرحيل كعدو رسمي، بالاستحواذ على أعضاء سابقين في حلف وارسو، بهدف وضع القوات الأمريكية والصواريخ بالقرب من حدود روسيا على أمل إثارة ردّ فعل، وهذا ما حدث في النهاية في أوكرانيا.
ومع ذلك، ترى مولر، أن روسيا لا تشكّل تهديداً حقيقياً لأوروبا، وبالتالي لا يوجد مبرر لحلف شمال الأطلسي، لذا فقد حان الوقت لاستبدال روسيا بالصين، بسبب صعودها كقوة دولية عظمى.