الريمونتادا.. من مصطلح لغوي إلى صيحة تقلب الموازين في كرة القدم!!
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
تستقطب كرة القدم العدد الأكبر من المتابعين حول العالم، ولا سيما بطولاتها الكبرى، وأيّ تفصيل يخصّ اللعبة يصبح “صيحة” يقلدها الملايين حول العالم، خاصة ما يتعلق بأسلوب حياة النجوم وأخبارهم؛ وفي السنوات الأخيرة، حتى المصطلحات التي يستخدمها الإعلاميون أو المذيعون في وصف حدث كروي، أو إنجاز في مباراة ما، تصبح الأكثر تداولاً على وسائل التواصل وفي المقالات الرياضية. وموضوعنا اليوم حول أحد أشهر المصطلحات في عالم الساحرة المستديرة، “الريمونتادا”، الذي صار مصاحباً تقريباً لكل مباراة إياب خسرت ذهابها إحدى الفرق الكبرى؛ ومع عودة منافسات دوري أبطال أوروبا في دوره الثاني، عاد هذا المصطلح إلى الصدارة، فما معنى الريمونتادا؟ ومتى بدأ استخدامها في كرة القدم؟ وما هي أشهر المباريات التي شهدت ريمونتادا تاريخية؟
لغةً، هي كلمة إسبانية تعني التعافي أو العودة، وكانت تستخدم بشكل كبير في الحروب، ووصف المعارك الأهلية، ومعارك الاستقلال بين القرنين 16 و19 ميلادي، حينما كان إقليما الباسك وكاتالونيا يحاولان الاستقلال عن الحكم الملكي الإسباني، وفي كرة القدم يستخدم في حال كان الفريق متأخراً في النتيجة، لكنه يرجع فيقلب الطاولة والأمور على خصمه ليحقق الفوز.
تاريخياً، تم استخدام الكلمة للمرة الأولى في إسبانيا، يوم 21 كانون الأول 1983، عندما واجه المنتخب الإسباني نظيره المالطي، وكان بحاجة إلى الفوز بفارق 11 هدفاً من أجل التأهل إلى “يورو 1984” من أجل التفوق على المنتخب الهولندي بفارق الأهداف والتأهل إلى النهائيات. وبالفعل، تمكن لاروخا، بقيادة ميغيل مونوز، من الفوز 12/ 1، وكان الهدف رقم 12 قد سُجل قبل نهاية الوقت الأصلي بست دقائق، لكن بعد ذلك اختفى لسنوات قبل أن تعيده إلى الحياة صحيفة “سبورت” الكاتالونية المشهورة بعد هزيمة نادي برشلونة الإسباني أمام ميلان الإيطالي في ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال 2013، بنتيجة هدفين دون رد. وبالفعل، استطاع برشلونة العودة وتحقيق الريمونتادا بالفوز برباعية نظيفة في مرحلة الإياب.
لكن الريمونتادا لم تأخذ شعبيتها التي نعرفها اليوم حتى عام 2017، بعد الواقعة الشهيرة بين برشلونة أيضاً، ولكن هذه المرة أمام باري سان جيرمان الفرنسي في دوري الأبطال أيضاً، عندما تمكن رفاق ميسي من تحقيق عودة مستحيلة في النتيجة بعد أن تغلب على الفريق الفرنسي في كامب نو بنتيجة 6/ 1، وهو ما لم يتخيله أحد قط بعد الخسارة في حديقة الأمراء بنتيجة كبيرة للغاية وبرباعية نظيفة. ولم يتوقف الموضوع عند الكلام المحكي والصيحات، فقد استطاعت الريمونتادا اقتحام صفحات معجم “لاروس” الفرنسي الشهير لتصبح كلمة فرنسية رسمياً بدءاً من هذا العام.
ويعدّ فوز نادي ليفربول الإنكليزي على ميلان، عام 2005، أحد أشهر الريمونتادا في التاريخ، بعد أن كان متأخراً في الشوط الأول 3/ 0، لتنتهي المباراة في شوطيها الأصليين بالتعادل 3/ 3، ومن ثم الفوز بالبطولة في نهاية المطاف من ركلات الترجيح. لكن أكثر المباريات الملحمية كانت في العام 2019، مثل ريمونتادا ليفربول ضد برشلونة حينما فاز برشلونة في المباراة الأولى بنتيجة 3/ 0، تبعها فوز ليفربول على أرضه ووسط جمهورة بنتيجة 4/ 0، وحقق ريمونتادا قوية على ناد من أقوى الأندية في العالم، بالإضافة إلى ريمونتادا توتنهام الإنكليزي ضد أياكس الهولندي حينا خسر توتنهام على أرضه بنتيجة 1/ 0 واستطاع العودة على استاد يوهان كرويف أرينا.
أما أعظم ريمونتادا في التاريخ فهي مباراة تشارلتون وهدرسفيلد الإنكليزيين، موسم 1958. وبالرغم من أنها غير معروفة لغير عشاق كرة القدم الكبار، لكن الأحداث التي شهدتها تجعلها الأعظم دون منازع، حيث انتهى اللقاء بفوز تشارلتون 7/ 6، فقد استضاف تشارلتون منافسه هدرسفيلد ضمن مباريات دوري الدرجة الثانية الإنكليزي. وبعد تعرض ديريك أوفتون قائد أصحاب الضيافة للإصابة، وعلى اعتبار أن التبديلات وقتها غير مسموح بها، أكمل الفريق بـعشر لاعبين، لينجح هدرسفيلد في إحراز خمسة أهداف متتالية، فيما سجل تشارلتون هدفاً وحيداً وذلك حتى الدقيقة 28 فقط على انتهاء المباراة، لتنقلب الأمور ويدخل اللاعب سامرز التاريخ بإحرازه وحده خمسة أهداف، وبذلك أصبح هدرسفيلد الفريق الإنكليزي الوحيد الذي أحرز ستة أهداف في مباراة، وتعرض للخسارة في ليلة استثنائية لتشارلتون.