صناعة الإعلام الأمريكية.. وجه العدو غير المرئي
هيفاء علي
في حين أن الرؤساء الأمريكيين يأتون ويغادرون، تبقى الشركات الأمريكية أبدية وراسخة في عالم الأعمال، حيث يتمّ التعريف بالثقافة الأمريكية على مستوى العالم من خلال هذه الماركات، وهي “ماكدونالدز– لوفيز- مورغان- رايتيون” التي تعتمد على صورتها العامة، وعدم الكشف عن هويتها، ويضاف إليهم هوليوود ووسائل الإعلام الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.
لقد أدّى ظهور الإنترنت إلى تغيير العملة وليس تغيير واجهة المحل. وفي الألفية الجديدة، أصبح الأمريكيون محكومين بشكل متزايد من قبل هذا الجهاز النقابي الذي يمثل نموذج الإعلام الجماهيري شبه الحكومي، حتى باتت وسائل الإعلام الأمريكية هي وجه العدو غير المرئي في العالم.
على مدى عقود، عملت صناعة الإعلام، مع الإفلات من العقاب في الولايات المتحدة، على أكمل وجه، حيث قامت بالتستّر على الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدعوى الأمن القومي بحق ملايين الأبرياء في جميع أنحاء العالم، ذلك أن بعض الشركات وأصحاب وسائل الإعلام الأثرياء لديهم صلات بالسياسيين البارزين.
من هنا يأتي مفهوم “النخبة”، والتي تضمّ أولئك المتورطين في الإرهاب الذي نشروه في جميع أنحاء العالم. لكن ملكية وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم تغيّرت بشكل كبير خلال العقد الماضي -حلّت الكارتيلات الكبرى محل الأوليغارشية- وأصبحت أسلحتها أكثر قوة، وقد بدأ ذلك مع هجمات 11 أيلول عندما أصبحت شبكة “سي إن إن” كمرجع للمآسي المستمرة التي ينصت إليها الجميع.
وسائل الإعلام الأمريكية هذه هي الوجه المرئي لهذا العدو الخفي الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي السابق ترامب على تويتر، إذ تتجلّى العلاقة بين السيطرة على الصحافة والسيطرة على الشعب بشكل واضح في الولايات المتحدة اليوم مع وسائل الإعلام شبه الحكومية. وبالتالي، فإن مقاتلي المحافظين الجدد الذين يقاتلون لمصلحة الشركات لا يأتون إلى واشنطن كجماعات ضغط وإداريين لخدمة الولايات المتحدة، بل لخدمة الشركات والأثرياء وليس هدفهم الترويج لاقتصاد سوق تنافسي، بل التلاعب بنظام مسيّس من خلال وسائل الإعلام.
ولعلّ خير مثال على ذلك، المحافظ الجديد الشهير “إيرفينغ كريستول”، الذي عمل على تطبيق العمل الفكري المخادع للفيلسوف السياسي الألماني الأمريكي ليو شتراوس، الذي دعا الشركات الأمريكية إلى تكليف المحافظين الجدد بوصفهم “أبطالاً فكريين” لمهاجمة “الآخر غير المرغوب فيه”. بعد ذلك أصبحت شبكة أعمال كريستول أسطورية، وقد فاز بلقب غير رسمي “الراعي” لقدرته على ربط الناس والجهات الراعية، مما يجعله منجم ذهب للراغبين.
وبالعودة إلى فيروس كورونا، وبحسب المحلّلين الأمريكيين، فهو أفضل مثال للوضع الراهن في أمريكا، الجنون حول فيروس كورونا لا يقتصر على السياسيين والمجتمع الطبي، بل وصل إلى آفاق جديدة من الهستيريا السياسية، وتشارك مؤسّسات بلتواي الفكرية (لوبي الحرب) كمركز تحليل السياسة الأوروبية وغيرها، ولا شك في أنها تموّل بشكل جيد من قبل الشركات للاستفادة الكاملة من خدعة الوباء. فقد دعا رئيس المجلس الأطلسي، وهو من المحافظين الجدد، إلى إعلان الحرب على الفيروس، كما لو أنه يطالب بإرسال الدبابات للقضاء عليه. ربما تكون وسائل الإعلام قد استنزفت طبول الحرب الحقيقية والإرهاب، ما يعني أن “الوباء” هو محاولتها اليائسة لمواصلة نشر الخوف الضروري للحفاظ على العولمة.
وبحسب أحد هؤلاء المحلّلين، فإن فيروس كورونا ليس وباءً، لكنه نوبات من احتضار العولمة، أي هو خدعة أيضاً. فإذا كان الفيروس حقيقياً، لماذا تفعل وسائل الإعلام والسلطات كل ما في وسعها لخلق حالة من الذعر وإحداث حالة طوارئ حقيقية مع قيود خطيرة على الحركة وتعليق الحياة اليومية؟. إن المفهوم الزائف للعولمة يحتاج إلى حرب وهمية، أو إرهاب مزيف، أو جائحة زائفة.
ويؤكد المحلّلون أن الأرقام الحالية حول معدل الوفيات وانتشار فيروس كورونا لا تبرّر على الإطلاق الاستجابة العالمية، ذلك أن فيروس كورونا يشبه إلى حدّ كبير السارس، وبالتالي هو الأنفلونزا، لذا فإن الإجراءات المتخذة الآن سخيفة. بالطبع، يمكن أن تكون الأنفلونزا قاتلة والوقاية الصحية العامة مهمّة وضرورية، لكننا نعتقد أن فيروس كورونا أسوأ بكثير. يبدو أن صناعة الإعلام بأكملها تعمل في مجال الإرهاب وهي متواطئة في المذابح والنهب والفساد والفقر واضطهاد الشعوب مرة أخرى.
أخرج كريستوفر ميلر، الصحفي الأمريكي الذي كان مراسلاً في أوكرانيا لحساب راديو أوروبا الحرة، وهو جزء من الوكالة الأمريكية للإعلام، عملية “إدارة الإدراك” لزميله الكندي، جيك، عن “أزمة أوكرانيا” والتي بلغت تريليون دولار، لمصلحة مجموعة ريندون والمجمع الصناعي للاستخبارات العسكرية والإعلام الأمريكي، ما يثبت أن التدخلات الأمريكية في الخارج تستند تاريخياً إلى الأكاذيب.
لقد أخفيا حقيقة أن نائب الرئيس الأمريكي السابق بايدن استغل حركة ميدان الاحتجاج ضد العولمة وأنشأ ويموّل ويدرّب ويسلّح ميليشيا نازية جديدة في أوكرانيا، حيث جلبت الحرب (14000 قتيل و1.5 مليون نازح). على وجه الخصوص، اختلق جو بايدن الكراهية التي أدّت إلى نهب الكنائس وتدنيسها والاستيلاء عليها، والعنف ضد الأرثوذكس في أوكرانيا، وطرد رجال الدين وعائلاتهم.
وعليه، فإن ميلر وجيك جزء من “لواء” يعيد تجميع قواته في المجلس الأطلسي، والمؤسّسة الوطنية للديمقراطية، وبيت الحرية، وجمعية جورج سوروس المفتوحة، وهيومن رايتس ووتش. الآن ثمة دليل قاطع على أن وسائل الإعلام تنشر الأكاذيب والصحفيين هم عملاء “مجتمع الاستخبارات” الذين يفلتون من العقاب على الدوام، لأن وسائل الإعلام شبه الحكومية مسؤولة عن ازدراء الولايات المتحدة للحياة البشرية في جميع أنحاء العالم.
الدعاية موجّهة للحرب، والولايات المتحدة لم تكن في حالة حرب منذ عقود، ومع ذلك، فإن ميلر وجيك واللواء وخاصة وسائل الإعلام المشتركة ينشرونها كفيروس قاتل!.