في حضرة المليارين.. نقاشات ساخنة وتهديدات بالاستقالة في مجلس طرطوس
طرطوس- لؤي تفاحة
حتى ساعة إعداد هذا التقرير لم يتمكّن مجلس محافظة طرطوس بعد الانتهاء من أعمال دورته العادية الثانية وتمديد جلساته لجلسة إضافية، من حسم مسألة التصويت على بند مناقشة الموازنة المتعلقة بمنحة المليارين المقدمة من وزارة الإدارة المحلية، وذلك بسبب الجدل الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات متواصلة وكثرة المناقشات والطروح المستفيضة المقدمة من أعضاء المجلس، حيث كادت الجلسة تفقد نصابها القانوني المطلوب لأعمال التصويت أكثر من مرة، ومع ذلك فقد كان خيار الأغلبية الموجودة وبناء على طلب رئيسة المجلس التصويت على عقد اجتماع خاص بين لجنة الموازنة برئاسة المهندس بسام حمود نائب رئيس المجلس وأعضاء المكتب التنفيذي للوصول إلى حل توافقي يرضي الأعضاء، وذلك لكثرة الاعتراضات والشكاوى المقدمة ممّن تحدّث طوال مدة الجلسة الاستثنائية، وتمثلت بغياب العدالة في آليات توزيع المنحة، وتخصيص بلديات ومراكزها على حساب بقية البلديات، وأيضاً القرى التي تتبع لهذه البلديات، حيث تعيش في حرمان كامل نتيجة توجيه كل الكتل المالية والمشاريع لمصلحة هذه البلديات “المدعومة” وغيرها.
وأشار القاضي حسان ناعوس إلى وجود قرى لم تدخلها بلدياتها منذ سنين ولم تحظَ بأي مشروع خدمي وكأنها معزولة عن المحافظة مثل قرية بلوسين في أقصى جرد القدموس التي ترتفع أكثر من 1200م عن سطح البحر وربما سكانها يعيشون فوق الغيوم، وقد طالها الحرمان فيما يخص الطرق الخدمية والمياه، وحتى صعوبة تأمين وسيلة نقل لإسعاف مريض، كما تساءل بعضهم لماذا يتم تخصيص مركز البلدية بكامل الدعم بينما تحرم منه القرى التابعة لها مثل قرية بيت الديك التابعة لبلدية النقيب أو بلدية بيت كمونة وغيرها الكثير من القرى التي لم تخدم بالطريقة التي تخدم فيها مراكز هذه البلديات.
بدوره أشار علي سليمان إلى أن المؤشرات المقدّمة غير صحيحة نظراً لكون بعض هذه البلديات محدثاً ولم يقم بأي مشاريع، ودعا سالم معلا إلى ضرورة أن تكون المشاريع المعروضة مدروسة ومدققة أصولاً، وهذا ما لم يحدث، في الوقت الذي أشار فيه المهندس أحمد عيسى إلى عدم وجود أي معيار للعدالة في آليات توزيع هذه المنحة، حيث توجد قرى لم تنفذ البلديات فيها أي مشروع، غامزاً من قناة عدم قيام رئيس لجنة الموازنة بتلاوة محضر اجتماع اللجنة برئاسته أمام أعضاء المجلس للاطلاع على آلية توزيع هذه المنحة.
من جانبه طالب جورج حنا بأن تكون آلية توزيع المنحة في معظمها لمصلحة الطرق الخدمية نظراً لما تعانيه من تصدّعات وحاجتها الماسة للصيانة، من جانبه لفت أحمد حبيب إلى ضرورة أن تكون للقرى والبلديات الفقيرة حصّتها من هذه المنحة وغيرها من المنح نظراً لحاجتها لمشاريع خدمية.
بدوره قال نائب رئيس المجلس إن معيار وآليات توزيع المنحة كان معتمداً على تأمين حصة الفرد من الاعتماد وليس من الإنفاق، ومن هنا كان حرص لجنة الموازنة على تقديم مقترح واحد وليس أكثر بهدف طرحه للتصويت أمام المجلس.
وردّاً على كلام بعض من تحدّث أشار حمود إلى أنه وقبل عقد اجتماع لمناقشة آلية توزيع المنحة تم توجيه دعوة لحضور مناقشة الآلية المعتمدة بواسطة مجموعة “الواتس” الداخلية والخاصة بأعضاء المكتب التنفيذي إلا أن بعضهم لم يحضر لغايات مبيتة حسب ردّه.
وكان بعض أعضاء المجلس قد هدّد بالإعلان عن تقديم استقالته أمام وسائل الإعلام إذا لم تقم رئاسة المجلس بمعالجة هذا الوضع غير المألوف وعودة الهدوء والأمور إلى طبيعتها وصولاً إلى خواتيم موضوعية.
وفي معرض ردّها اعتبرت عليا محمود رئيسة المجلس أن هذه النقاشات الساخنة تعكس جو الديمقراطية المسؤولة رغم خروج بعضهم عن السياق الطبيعي لأصول الجلسات، لافتة إلى أنه تمت الموافقة على استفادة أكثر من 75 بلدية من هذه المنحة بمعدل 30 مليون ليرة لكل بلدية شرط أن تكون مشاريعها مدروسة ومصدقة، كما لفتت إلى أنه تم تخصيص 50 مليون ليرة لمصلحة مجلس مدينة طرطوس من أجل ترميم المشفى العسكري، بالإضافة إلى تخصيصها بمبلغ 285 مليوناً بقرار من مجلس المحافظة، ومبلغ 11 مليوناً لمصلحة الخدمات الفنية بموجب حكم قضائي.
وفي هذا السياق علمت “البعث” أن الأمور وبعد هذا النهار الطويل من الجدل والمناكفات بين بعض الأعضاء، ومن باب الحرص على تحقيق تنمية متوازنة تتحقق من خلالها معايير العدالة بين كل الوحدات الإدارية، وبعد تدخّل من أعلى المستويات المحلية، فإنه سيتم تمرير هذا البند ولاسيما أن المحافظة تنتظرها مشاريع خدمية كثيرة وبحاجة ماسة إلى رصد الاعتمادات المالية للمباشرة بها خلال الشهرين القادمين.. فهل تُصلح الساعات القادمة ما أفسده هذا النهار العاصف؟!.