ثقافةصحيفة البعث

نهى جبارة تختار لوحاتها من وحي الأم وعطائها

يمتلك الفنان القدرة على تحويل مشاعره إلى واقع مرئي وتجسيدها بلوحة فنية بصرية تختصر كل ما في داخله وتساعده على التعبير الأمثل، وفي ظل أجواء عيد الأم ولأن عطاءها وحبها والامتنان لها لا يمكن التعبير عنه بآلاف الكلمات، استخدمت الفنانة التشكيلية نهى جبارة ريشتها وألوانها لتعبر عما تكنه للأم العظيمة، وذلك عبر مشاركتها في المعرض السنوي الثاني لمجموعة باريوتا (أنا) الذي أقيم مؤخراً في صالة جوليا دومنا حيث تقول: لطالما راودتني فكرة أن أقوم برسم والدتي، فالكثير من المرات كنت أنظر لوجه أمي وأدقق في تفاصيل وجهها وأرى سنواتها الثمانون من خلال تلك الخطوط، نظرتها المليئة بالحب وابتسامتها الدافئة تمنحني قوة ورغبة في رد جميلها باللوحة والفن.

شكر وعرفان

تتابع جبارة حديثها عن الأم قائلة: في الواقع عندما ترافق معرضنا المسمى (أنا) مع توقيت قريب من عيد الأم، وخاصة أننا نحن مجموعة باريوتا أطلقنا هذه التسمية ليعبر عن شخصيتنا وعوالمنا ودواخلنا، فكانت أمي هي.. أنا، وعادة أرسم في كل لوحة حالة إنسانية مررت بها أو قرأت عنها، أما في اللوحة التي رسمتها لأمي فقد كان هناك شعور مختلف تماماً أعجز  عن وصفه، لكن أظن أن اللوحة عبرت واختصرت كل ما في داخلي، وعندما بدأت بوضع الخطوط الأولى للوحتي كنت خائفة ألا ترضيها النتيجة، أو ألا أستطيع أن أنقل ما أشعر به عند النظر لوجهها، وقد كنت أستغرق ساعات طويلة ومتواصلة عند رسمها دون أن أشعر بتعب، لتكون أولى لوحاتي هي بورتريه لوالدتي كنوع من الشكر والعرفان لها، وقد زادت سعادتي عندما نالت اللوحة إعجاب والدتي وأثنت عليها، ثم بينت جبارة أنها بالإضافة إلى بورتريه الأم شاركت بعملين أيضاً يتحدث الأول عن الانكسارات التي واجهتنا خلال أزمتنا ولكننا بقينا نبحث عن الأمل فالانكسارات الموجودة في النوافذ كانت بشكل طيور نجد من خلالها أملنا رغم العيون الدامعة التي لابد سنبددها بالابتسامة، أما العمل الثالث كان لسيدة تنظر من خلف نافذة تحمل الطابع الدمشقي، وخلفها شخص ما في الظل يبقى هو الداعم في داخلنا، وباب نور خلفه يرمز للنور الداخلي والذي هو أقوى من أي شيء.

بصمة خاصة

عن خصوصية المعرض أشارت جبارة أن هذا هو المعرض السنوي الثاني لمجموعه باريوتا ونحن مجموعة من الفنانين الشباب اجتمعنا على المحبة والإبداع لنقدم رسالة للعالم أننا نحن السوريين موجودين رغم كل ما يحيط بنا، فنحن من أرض حضارة معطاءة وولادة بالإبداع الدائم ونعمل على إضافة بصمة خاصة بنا ننير بها الطريق بالفن، ونحن نتواصل بشكل مستمر لإقامة معرضنا السنوي ونقاشنا دائم عن الفن واللوحات والأعمال النحتية، وقد لاقى المعرض إقبالاً لا مثيل له حيث شارك كل فنان بعملين أو ثلاثة بينما شارك النحاتون بأكثر من ثلاث منحوتات، ورأت بأن جميع المشاركين يتمتعون بخبرة عالية ومستوي فني لا يستهان به رغم اختلاف المدارس الفنية التي يقدمها كل فنان موجود في هذه المجموعة، لافتة أن للمعارض الجماعية تأثير كبير على الفنان حيث يحكم فيها التنافس الجميل لإضافة جو من الإبداع على أعلى المستويات ونشاهد فيها أكثر من تجربة وأكثر من فكر، وبالعموم على الفنان التواجد بالمعارض الفنية المشتركة بشكل مستمر، بالتوازي مع إقامة معرض خاص كل فترة، حيث تكمن خصوصية المعرض الفردي بأن الفنان يقدم تجربته الشخصية بشكل مفصل وموسع، عبر مجموعة من الأعمال الفنية التي تتمحور حول فكرة ما، يعرض فيها دراسته الفنية وبحثه من خلال منظوره الخاص، لذلك فإن إقامة معرض فني شخصي يأخذ من الفنان وقت طويل في الدراسة والتحضير والجهد، لذلك تكون المعارض الفردية للفنان في فترات متباعدة ووتيرة أقل من المعارض الجماعية.

تفاؤل وأمل

واعتبرت جبارة إن الإقبال على المعارض الجماعية أكبر، لأن الجمهور الفني متنوع بتنوع مدارس الفنانين، وإذا كان هناك أكثر من فنان مشترك في المعرض فمن الطبيعي حضور جمهور أوسع، وللأسف إن رواد المعارض يقتصر بالعموم على أصدقاء الفنان، وفي كثير من الأحيان لا يحضرها حتى الفنانين المعنيين بالحركة التشكيلية، وفيما يخص واقع الفن التشكيلي حالياً نوهت جبارة أن هناك الكثير من الهموم والمشاكل التي ترافق الفنان، ولكن أنا بطبعي متفائلة دائماً وأرى أننا مادمنا موجودين كسوريين في الساحة التشكيلية ونعطي ونقدم أعمالاً فنية فهذا يعني أننا بخير، فالسوري يجتاز كل الصعاب ويحولها إلى أمل وتفاؤل.

لوردا فوزي