نظرية العرض والطلب في حلقات البيع تضرب الفلاح في مقتل تكاليف المحاصيل
ندرك أن من الواجب في هذه المرحلة الصعبة جداً التي تمرّ على المزارع والفلاح تقديم الدعم الحقيقي والسريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كي يبقى الفلاح متمسّكاً بأرضه ورزقه. فما نشاهده اليوم من عزوف عدد كبير من الفلاحين عن الزراعة للعمل بمهنة أخرى، يستوجب الدعم بشراء مواسم الفلاحين الذين ما زالوا متمسكين بأرضهم رغم الصعاب وبأسعار مجزية ومشجعة وعادلة، وتقوم الدولة ببيعها بأسعار تحدّدها وتكون منصفة، فرحلة المزارع مع الأرض ليست سهلة وتبدأ من حراثة الأرض وزراعة النبتة ورعاية الثمرة وثم الشجرة، وتنتقل أخيراً إلى السماسرة وحلقات الوساطة والتاجر، وهناك الشقيع الذي يقوم بالبيع في السوق لبائع المفرق خارج السوق.
ولتسليط الضوء على آلية عمل السوق وإيجاد طرق موضوعية للحدّ من استفادة حصة على حساب حصة أخرى، كان لنا عدة لقاءات في الأسواق. فأحد التّجار المختص بتسويق مادة التفاح من المزارعين أو الضمانة قال بصراحة: لا توجد آلية تحدّد أسعار المادة القادمة من السوق عبر المزارع سوى قانون وحيد هو العرض والطلب، فإن كان هناك كثرة من مادة التفاح القادمة من السوق يهبط السعر، وإذا كان قلة يصبح العكس أي يرتفع، مثلاً نقوم بشراء سيارة التفاح بعد تحديد سعر الكيلو ونتقاضى عليها عمولة 5% فقط، وبعد ذلك يقوم الشقيع بالربح بنسبة 7% أو 10% كونه يتعرض للتلف والنقل. وهنا يأتي دور بائع المفرق ببيع المادة على مزاجه وحسب كل منطقة، فهناك مناطق فقيرة وشعبية تُباع بهامش ربح بسيط، وفي أحياء أخرى كلّ يبيع على هواه، مؤكداً أن ما يحكم عملية البيع والشراء والتسعير هو قانون العرض والطلب، فمثلاً كيلو التفاح ما بين 800 ليرة و1100 ليرة ويباع خارج السوق بـ 1700 ليرة!.
المزارع
أما المزارع فيستفيض بقيم المصاريف الباهظة التي يتكبّدها، فمثلاً ضمان بئر الماء سنوياً 800 ألف ليرة ودونم الأرض مليون ليرة بالسنة، إضافة إلى سعر مادة المازوت وأسعار البذار والسماد المرتفعة والأيدي العاملة والكمسيون والنقل، فالحقيقة العملية مكلفة لا تغطي المصاريف ولا توجد آلية لتحديد السعر سوى العرض والطلب، وهناك الحلقات الوسيطة التي تزيد الطين بلّة وتتسبّب بمزيد من الخسارات.
لعبة تجار
وهنا الرأي لرئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها محمد خلوف الذي أكد أن التّجار الكبار، ومن يتسوّقون من الفلاحين ويبيعون منتوجاتهم في سوق الهال، هم المستفيدون فقط والخاسر الفلاح والمستهلك معاً. والفلاحون يدفعون الفاتورة دائماً ببيع منتجاتهم بأرخص الأسعار خوفاً من كساد إنتاجهم، وهنا الهاجس الناتج عن كيفية تسعير قيمة الإنتاج من قبل التّجار والبيع بالمزاد العلني أو غيره، وهذا ما جعل الفلاحين مستسلمين لهذا الأمر، بل منهم من خرج من الموسم صفر اليدين، وبهذه الحالة أصبح التاجر صاحب الكلمة العليا في الشراء والتسويق والبيع، ويضاعف سعره حسب مزاجه، ويتلقى المستهلك الصفعة الكبرى من هول الأسعار الكبير في الأسواق، وطالما هناك تحكم تجار بالسعر وحلقات وسيطة وعرض وطلب يرى خبراء أنه لا أمل في انخفاض أي مادة كون هذه الحلقات هي من تتحكّم بالفلاح والسوق، ويشير الخبراء إلى أن الحلّ في تقليل عدد الحلقات الوسيطة لتضييق الفجوة بين سعر المنتج الزراعي بمكان إنتاجه وسعره حتى وصوله للمستهلك، ويكمن التوسّع في إقامة وإنشاء الأسواق الكبيرة بالقرب من أماكن الإنتاج، وتعميم منافذ وزارة الزراعة والتجارة الداخلية، لتصل إلى كل المراكز والمدن. وضرورة التوسع في بناء مناطق لوجيستية لتقليل تلك الحلقات، وإيصال السلع للمواطن بأسعار مناسبة مع تشديد الحملات الرقابية على الأسواق العشوائية والباعة المتجولين.
عوامل وهوامش
وبدوره معاون مدير التجارة الداخلية بريف دمشق بسام شاكر قال: هناك مشكلة كبيرة تواجه السلع الزراعية، نتيجة عوامل مرتبطة بالمساحات المزروعة، والتخزين والنقل، ودخول الوسطاء للسوق، مما يرفع من ثمن السلعة ويعرقل ترويجها، إضافة إلى الارتفاع الشديد في الهوامش التي يحصل عليها الوسطاء بما لا يتناسب مع أدائهم للوظائف التسويقية وما يتحملونه من نفقات. وهناك فرضية العرض والطلب مع التكاليف التي يدفعها المزارع، التي لا تتناسب مع تعب الفلاح وجهده وتسبّب خللاً في السوق ودورنا في التجارة الداخلية بالنسبة لأسعار الخضار والفواكه أن الأسعار تحدّد لباعة المفرق فقط مع هامش ربح محدّد، بناءً على أسعار الجملة المحدّدة بشكل دوري من أسواق الهال وغيرها.
عبد الرحمن جاويش