الحرب والحصار حرما الأسرة السورية من الأساسيات.. واستهدفا أطفالها!!
يقال أن الحرب ليست مكانا للأطفال لذلك توجهت الجمعيات الإنسانية لحماية الأطفال من حرب لايمكن إيقافها، حيث رصدت دراسات عديدة أثار الحرب على حياة الطفل ومستقبله ،وليس في بالنا الآن البحث في حقوق العالم فنحن نحتاج التركيز على أزمتنا وحربنا التي لم تنته بعد وإنما تزداد همجية وظلم ضد الشعب السوري.
“البعث” حاولت رصد ما تعرض له أطفال البلد من مضاعفات وانعكاسات أكثر الحروب قذارة على مر التاريخ والتي سببت قلقا دائما في يومياتنا ووترت حياتنا وحولت لحظاتنا لمفاجئات غير سارة وصادمة، هذه اليوميات المتأزمة هي الواقع الذي ينمو عليه جيل كامل من الأطفال بدءأ من المعاناة في تامين لقمة العيش وهنا لا نتحدث عن الأغذية الأساسية بل الأقل منها أهمية كالحليب ومشتقاته التي تساهم في بنائه جسديا وعقليا ،ناهيك عن تعرضهم لأمراض والآثار النفسية المدمرة نتيجة العنف الذي تفرزه الحرب على حياتنا، ليصل الأمر إلى الاتجار بهم واستغلالهم في أعمال لا تتناسب مع قوتهم البدنية، كما ساهمت الحرب في تفكك عائلي وأسري سبب فقدان حالة الاستقرار والأمان.
اضطرابات سلوكية
هناك أثار سلبية تتعدى اللحظة التي يمر بها الطفل في مراحل حياته، وخاصة مما يشاهده من قتل وعنف مستمر، وهنا تؤكد المحامية مها العلي أن مستوى الدمار النفسي والانفعالي الذي يلحق بالأطفال المتعايشين مع مختلف الانتهاكات المتعلقة بحقوق الطفل تشكل أثارا سلبية على شخصيتهم أهمها الاضطرابات السلوكية التي تأخذ أشكالاً متعددة كالقلق الشديد والخوف وفقدان الشعور بالأمان والتوتر المستمر والتبول اللا إرادي، لأن الطفل يشعر أنه مهدد في كل لحظة بالخطر، وأن أسرته عاجزة عن حمايته، حيث لم يعد الوالدان هما مصدر قوة الطفل وأمانه.. كل تلك الصدمات ستترك آثارا نفسية واجتماعية بعيدة المدى على مستقبل الطفل، أضف إلى ذلك حالات فقدان احد أفراد الأسرة، وخراب المنشات العامة التي كان يمضي أوقاته فيها كالملاعب والمدارس والحدائق العامة التي تعزز لديه طابع العزلة والخوف، ولا يغيب عن ذهننا حالات التعرض للعنف والإساءة الجسدية أو الجنسية والتي سببت في كثير من الأحيان إعاقة وفقدان أحد أعضاء أو حواس الجسد، ما يجعل الطفل أكثر عدوانية اتجاه من حوله والتعامل بقسوة مع أقرانه ويتجلى ذلك بسلوكه الانفعالي كالصراخ الدائم بدون سبب أو لأتفه الأسباب، وهناك العادات السلوكية التي تعبر عن الاضطراب كقضم الأظافر والتبول اللاإرادي وهي انعكاس لحالة عدم الأمان التي كان يعيشها الطفل في مرحلة ماقبل الحرب حيث يستذكرها ويتمنى العودة لها والهروب من الواقع المؤلم الذي يعيشه ،وهنا لابد من التدخل لحمايته للحد من تفاقم هذه المظاهر النفسية والانفعالية التي طرأت عنده والتي قد تترك صقلها على روحه في المدى البعيد.
البعد الأخلاقي
جميع فئات المجتمع تنال نصيبها من آثار الحرب الاجتماعية والاقتصادية حيث تظهر بشكل مباشر أو غير مباشر على الجميع داخل المجتمع، لكن الأخطر يظهر على الأطفال فهم الأكثر تضررا لأنهم في مرحلة بناء مستقبلهم، وهم نواة مستقبل البلد، ولا بد من العمل بشكل حثيث لتلافي الأضرار والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية للحربـ والتي تتشكل عبر النزوح من مناطقهم السكنية وما ينتج عنه من أعباء التنقل والبحث من حديد عن لقمة العيش بعد خسارة عمل رب الأسرة ،وفي ظل عدم توفر الرعاية الاجتماعية فإن الأطفال يجبرون على ترك تعليمهم والبحث عن فرص العمل أو التوجه للشارع من اجل التسول والحصول على المال، وهنا يخشى من تعرضه لانحراف والانخراط في الأعمال غير القانونية منها إدمان تعاطي المخدرات وهي حالات ظهرت كثيرا في الآونة الأخيرة ،حيث كان يتعاطى بعض الأطفال الشعلة كنوع من المخدر ،كل ذلك بالضرورة سينتج عنه انهيار للمبادئ والقيم الاجتماعية ومفاهيم الحق والخير والحلال والحرام في ذهن الطفل حيث تكرس أعمال العنف والسرقة وحمل السلاح والاستهانة بأرواحهم .
الجمعيات الأهلية
فقدنا خلال الحرب معظم ما أنجزناه من تقدم في ملف رعاية الأسرة السورية والنهوض بها ،كما أفقدتنا الحرب الكثير من الخدمات الطبية والاجتماعية التي تدعم المواطن ،فمعظم المنشآت باتت بحاجة إلى الترميم والدعم لإعادة تفعيلها بالطريقة المطلوبة ،والأهم من ذلك ما تم إتلافه من الأدوات والأجهزة التعليمية والثقافية المخصصة لتنمية قدرات الفرد واحتياجاته الضرورية، عملت بعض الجهات على دعم الأسرة والسورية وحماية الطفل حسب الإمكانيات المتوفرة لديها وتقديم الاحتياجات الأساسية الأخصائية رنا حليفاوي في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بينت انه تم العمل منذ بداية الحرب وبشكل دائم من قبل الجمعيات الأهلية والخيرية لتوفير الأغذية المناسبة الخاصة للأطفال والعائلات المهجرة وتقديم الرعاية الطبية عبر مراكز وعيادات مهيأة لهذا العمل ،بالإضافة إلى تقديم المستلزمات الأخرى كالملابس والمسكن ومساعدة الأطفال للعودة إلى دراستهم ومساعدة الأمهات لإعالة أبناءها وحمايتهم من التشرد. وتتابع حليفاوي تم العمل على التواصل والمتابعة مع منظمات إنسانية دولية لتوفير مواد الإغاثة الغذائية سواء في حالات الطوارئ أو على المدى الطويل كما توفر الرعاية الصحية والمتمثل في الوقاية من الأمراض والإمداد بالإسعافات الأولية ،ومن أولويات الهيئة الاهتمام بالأطفال فهم جديرون بالحصول على أفضل حماية وإتاحة الفرص لهم حتى ينمو في جو من الأمان والاستقرار والعمل على نشر مفاهيم حقوق الطفل وحمايته وزيادة الوعي بها لدى جميع أفراد المجتمع عامة.
ميادة حسن