حيدر سلمان: المسرح يقدم رسالة فنية مشرقة
تعلم فن المسرح منذ صغره وأكمل مشواره على خشبته ، فمرة يقف أمام جمهوره ومرة يضيئه، ولم يتوقف الفنان حيدر سلمان عنده بل تابع مشواره ليبدع في كل مجالات الفن.
أحب الشاب العراقي سورية كثيراً ويتمنى تكرار تجربته وتقديم عروض مسرحية مميزة والتعلم من أهل الاختصاص، وفي حواره مع “البعث” بدأ حيدر سلمان بالتعريف عن نفسه وبداياته ودخوله في عالم المسرح حيث قال:
في البدء عليّ أن أتحدث إلى العائلة الفنية التي أنتمي إليها حيث تعلمت المسرح وأنا صغير كنت أتابع العمل المسرحي عن طريق والدي الفنان عبد الجبار سلمان الذي يعمل مخرجاً وممثلاً مسرحياً، كنت أحضر أعمالاً مسرحية وتعرفت على الخشبة وما هي الشخصية وكيفية التعامل معها، ورسالة العمل المسرحي، وبدأت أتقن الحس المرهف في تجسيد شخصية معينة حيث كنت أردد عبارات ومونولوجات شخصيات شاهدتها على خشبة المسرح.
في عام ٢٠٠٦ شاركت في أول عمل مسرحي بعنوان “العائلة الطيبة” وهو عمل مسرحي للأطفال خاص لوزارة الثقافة العراقية وكان من إخراج والدي، ودخلت للفرق المسرحية التي تعمل لوزارة الشباب والرياضة وتنظم مسابقات مسرحية في بغداد والمحافظات كافة وحصلت على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية حينها.
في عام ٢٠١٠ دخلت كلية الفنون الجميلة وبدأت أتقن العمل المسرحي خطوة تلو الأخرى وشاركت في مهرجانات الكلية كممثل ومنفذ إضاءة وكل عناصر العرض المسرحي.
عام ٢٠١٢ عملت مع المسرحي الراحل د.سامي عبد الحميد مسرحية “أيام الجنون والعسل”، وكانت أول تجربة لي تابعة لدائرة السينما والمسرح بمشاركة عدد كبير من نخبة المسرح العراقي، وعملت مع المخرج عبد علي كعيد مسرحية “سرحان بين الأمس والآن” ضمن مهرجان “بغداد عاصمة الثقافة العربية”، وعملت مع الكثير من الشباب المخرجين والمصممين والممثلين والكتاب الذين كانوا رفقاء العمل المسرحي في وقتها، وقررنا إنجاز العديد من الأعمال المسرحية ولهذا اليوم نحن مستمرون في تقديم المسرح. وكتبت العديد من المقالات التي تخص المسرح، والتنمية المستدامة في صناعة العرض المسرحي، ومونولوج الحجر الصحي وكيفية جعله مسرحاً حياتياً، وكتبت مجموعة نصوص مسرحية قصيرة، وقدمت مجموعة برامج السوشل ميديا التي تحمل الطابع الكوميدي الهادف، والآن في طور تنفيذ مشروع مسرحي غنائي يجمع بين الغناء والتمثيل.
رسم الضوء
عمل حيدر في مجال الإضاءة للمسرح، فزاده إبداعاً بالدخول في تفاصيل العمل المسرحي وعنه قال:
لا شك أن من يرسم الضوء على خشبة المسرح يعتبر أحد مبدعي العرض المسرحي حيث عملت في مجال الإضاءة المسرحية من خلال المهرجانات والعروض المسرحية، وتعلمت كيف أنفذ وأصمم المشهد المسرحي بتقديم أعمال مسرحية فردية خاصة، وفي الحقيقة تعتبر الإضاءة المسرحية جزءاً كبيراً من عناصر العرض المسرحي لأنها تكمل الصورة الفنية في إقناع المتلقي.
صناعة ممثل
بين العمل المسرحي والدرامي والسينمائي يجد حيدر نفسه مبدعاً، وعن المفضل عنده أجاب:
كل من يعمل على تخصصه سوف يبدع ويركز على أهدافه من خلال التجارب والفرص المتاحة في تقديم منجزه، المسرح بالنسبة لي هو الاختصاص الذي تعلمته وقضيت سنوات عديدة من أجل إيصال رسالة فنية مشرقة بالمسرح وهو من يجعل الفنان أكثر حيوية ونشاط من ناحية العمل المباشر أمام المتلقي ويصنع ممثل يطرح رسالته وجهاً لوجه دون تردد.
وأضاف حيدر: إن من يجيد فن التمثيل على خشبة المسرح لا يواجه أي مشكلة في التلفزيون أو السينما، وذلك لأنه أتقن فن الشجاعة في تقمص الشخصية، وعلى الممثل أن يجد نفسه في المسرح أولاً ومن ثم التلفزيون أو السينما ثانياً من أجل إبراز أهمية كبيرة من أدواته، فقد قدمت على مستوى التلفزيون عدة أدوار مع مجموعة ممثلين من النخبة، وعلى مستوى السينما بالرغم من غياب دور السينما في العراق والدافع المعنوي والمادي في تقديم السينما إلا أنني عملت في مجموعة أفلام سينمائية وكانت محاولة لاكتشاف الذات أمام عدسة السينما، إذ يجب على الممثل أن يتقن ما هو صحيح وناجح في نوافذ العمل الفني وأعني بها الخشبة والتلفزيون والسينما.
متاعب وهموم
وعن متاعب وهموم العمل الإبداعي والأدبي، وخاصة أن حيدر سلمان مختص في العديد من الأجناس منها قال:
بالطبع يتطلب العمل الفني مجموعة دراسات وخطط تضمن النجاح والتميز لدى الفنان من أجل إيصال غايات تسلط الضوء على حالة معينة، وبالتأكيد هذه الدراسات والخطط ليست سهلة وهنا يبدأ الفنان بالجهد المتواصل لكي يصل إلى تقديم العمل، فعلى سبيل كتابة الحوار أو السيناريو هناك متاعب في البحث عن الحكاية التي تبحث عن المتلقي ومن ثم البحث عن المفردة والصورة الصحيحة دون تشويش ذهن المتلقي والابتعاد عن ما يعيشه في مجتمعه، أما على سبيل التمثيل فلا بد للممثل أن يبحث عن التلقائية من أجل أن يكون بعيداً عن النمطية واللون الواحد، وعلى سبيل الإخراج هناك طرق إخراجية تفرض نفسها حسب قصة وسيناريو المؤلف، ربما تكون أرسطية وربما تكون ملحمية برتولد بريشت “كل عمل فني تتم صياغته وتقديمه في وقتنا هذا يجب أن يحمل في أولوياته غايات تمس واقع المجتمع الحالي وهنا تظهر لنا شجاعة الفنان ودور السلطات في تقييد رمزية العمل الفني”.
غياب الدعم
مارس سلمان كل أنواع الكتابة والتمثيل والتقديم، ولم يتطرق لمشروع للأطفال، وعن أسباب الغياب في هذا المجال قال:
يشكل مسرح الطفل أهمية كبيرة في تربية الأطفال وتوجيه أفكارهم ومستقبلهم بطريقة ناجحة، لقد عملت ضمن فرق مسرحية جوالة عدة عروض مسرحية خاصة للأطفال وكانت في أماكن مختلفة كمسرح الشارع ومسرح المدرسة ومسرح الرحلة الذي كان يحضر عندما تكون هناك رحلات بين المدن، ولاشك غياب الدعم الفني والمهني جعل الكثير من المخرجين لا يفكرون بمسرح الطفل حيث أخذ في الاضمحلال، فمسرح الطفل يجب أن يبدأ أولاً من المدرسة ومن ثم البرامج الغنية بوسائل الإقناع والتطرق إلى قصص وحكايات تكون مناسبة جداً من عمر الفئات المتواجدة أثناء العرض، وأشير هنا إلى عروض مسرحية للطفل قد شاهدتها في العراق لكنها قليلة جداً. ولا ضير إذا تأسست فرقة خاصة للطفل بإشراف وزارة الثقافة وتكون هناك مهرجانات ومسابقات في الكتابة والتمثيل وكل مقومات البهجة المسرحية.
أمل بإعادة التجربة
وعن تجربته في سورية، والتعاون مع الفنانين السوريين، قال:
من أجل مسرح عربي متجدد في عام ٢٠١٨ ذهبت إلى دمشق باسم فرقة مسرح الشرق من أجل تقديم عمل مسرحي بعنوان “في انتظار فلاديمير” للكاتب العراقي مثال غازي، وتعاون معي الممثل السوري سليمان قطان، وكان معي في كل خطوة نحو مسرح عربي متجدد، وهناك مجموعة أهداف مسرحية في المستقبل أسعى لتحقيقها على خشبة المسرح في سورية مع مجموعه فرق مسرحية وممثلين، وأتمنى أن يجمعني المسرح مرة أخرى مع عشاق المسرح في بلدي الثاني سورية.