ماكرون يسترضي أردوغان ويعتقل 9 أتراك في فرنسا
وجه القضاء الفرنسي تهما إرهابية إلى تسعة أشخاص في فرنسا إثر إيقافات في الأوساط التركية أثارت هذا الأسبوع انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قبل المعارضة الفرنسية، التي اتهمته بشن حملة اعتقالات ضد الأتراك ثمنا لاحتواء نهج أنقرة التصعيدي وإعادة تطبيع العلاقة مع الديكتاتور رجب طيب أردوغان.
ووفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس السبت، فإن التهم الموجهة للمتهمين في القضية هي “تمويل الإرهاب” و”الانتماء إلى عصابة إرهابية إجرامية” و”الابتزاز عبر عصابة منظمة مرتبطة بشبكة إرهابية”.
وكانت الشرطة الفرنسية أوقفت 10 أشخاص الثلاثاء بعد حملة مداهمات في الأوساط التركية في إطار تحقيق حول شبهات بارتباطهم بأنشطة إرهابية، ووجهت تهما إلى تسعة منهم الجمعة، حيث وضع أربعة منهم في الحبس الاحتياطي، فيما أخضع متهم للمراقبة الإلكترونية ووضع آخر تحت الرقابة القضائية. وسيقرر قاضي الحريات والاحتجاز في وقت لاحق إن كان يجب وضع المتهمين الثلاثة الآخرين في الحبس الاحتياطي. أما الموقوف العاشر فقد أطلق سراحه دون تتبعات في هذه المرحلة.
وجرت التوقيفات في مدينتي مرسيليا وباريس بطلب من قاض مكلف مكافحة الإرهاب إثر تلقي معلومات حول أنشطة مرتبطة بـ “حزب العمال الكردستاني”ـ المصنّف كتنظيم إرهابي في تركيا.
واستنكر زعيم حزب “فرنسا المتمردة” (يسار متطرف) جان لوك ميلانشون “تجريم أنشطة الأكراد في فرنسا من قبل وزارتي الخارجية والداخلية، بالتوافق التام مع الديكتاتور التركي أردوغان”.
من جهته أعلن الحزب الشيوعي الفرنسي في بيان أن “إيمانويل ماكرون يقوم بتطبيع علاقاته مع رجب طيب أردوغان على حساب الأكراد”، منددًا بـ”حملة الاعتقالات المعيبة”.
وتحادث ماكرون وأردوغان مطلع الشهر الحالي لأول مرة منذ أيلول في لقاء عبر الفيديو.
وكان أردوغان قد وصف قبل أشهر ماكرون بأنه “معتوه” ومريض نفسي وتمنى أن تتخلص منه فرنسا سريعاً، ما أثار غضب قصر الاليزيه الذي ندد بتصريحات أردوغان وقال إنه يرفض أن ينجر لمثل هذه السجالات.
ويثير اعتقال عدد من الأتراك في فرنسا تساؤلات عن التوقيت والمغزى من هذه الحملة قبل قمة أوروبية يفترض أن تناقش سلوك تركيا العدواني ومراجعة العلاقات الأوروبية التركية على ضوء الانتهاكات في شرق المتوسط وفي ليبيا وغره باغ وانتهاكاتها في حقوق الإنسان.
ويرى محللون أن الحملة تأتي إرضاء لأردوغان، الذي يعاني عزلة إقليمية متفاقمة بسبب تدخلاته العسكرية وأنشطته المستفزة في المنطقة وتراجعاً لشعبيته داخل تركيا يسعى لترميمها عبر تلافي مزيد من التصعيد لتجنب أي عقوبات تعمق أزمة الاقتصاد التركي وتثير سخط الأتراك.
ويبدو أن حملة اعتقال الأتراك في فرنسا تتعلق بتسويات سياسية للأزمة بين باريس وأنقرة أكثر منها محاصرة للإرهاب أو مقاومة للتطرف. ويقول سياسيون: إن اعتقال مواطنين أكراد بشبه أنشطة إرهابية ليس سوى محاولة لتقديمهم “قرباناً” لأردوغان نظير احتواء نهجه الصدامي وتهدئة التوترات في شرق المتوسط.