قناة السويس ليست ممراً بحرياً فقط
تقرير إخباري: هيفاء علي
عادت حركة الملاحة إلى قناة السويس بعد توقف دام ستة أيام بسبب جنوح ناقلة حاويات ضخمة، ما تسبب في خسارة قدرت بـ 14 مليون دولار يومياً لمصر و 98 مليون دولار عالمياً. وتقول المعلومات أن الرياح القوية و العاصفة الرملية في ذلك اليوم الذي جنحت فيه السفينة ” أيفر غيفن”، حولت السماء إلى اللون الأصفر وأدت إلى حجب الرؤية تماماً. فيما أشار رئيس هيئة قناة السويس إلى أن سرعة الرياح ليست وحدها المسؤولة عن جنوح السفينة لأنه من المعتاد إبحار السفن في ظل رياح سرعتها أكبر من سرعة الرياح الحالية، مضيفاً أنه لم تكن حمولة السفينة أو الرياح هي العامل الوحيد، وإن جزءا من الأسباب للريح وجزءا آخر أخطاء شخصية وجزء منها فنية، وأن التحقيق سيحصر المسؤولية.
المهم أنه تم حل مشكلة السفينة الجانحة وتعويمها في زمن قياسي في حين كان متوقع أن يستغرق الأمر شهراً كاملاً على الأقل، وهذا بحد ذاته انجاز كبير يحسب للدولة المصرية، خاصةً وأن هناك جهات غربية كثيرة كانت تعول على استمرار إغلاق الملاحة لأطول فترة ممكنة لتضع يدها على القناة بدعوى المساعدة والبحث عن البدائل. فعلى سبيل المثال، كان البديل في حال استمر توقف الملاحة هو طريق رأس الرجاء الصالح، في الطرف الجنوبي من القارة الإفريقية بذريعة أن هذا الطريق يوفر رسوم عبور القناة البالغة 500 دولار في كل مرة، ولكن بالمقابل يجب إضافة أسبوع لوقت الرحلة واستهلاك وقود أكثر لمدة أسبوع. أو يمكن أن يكون البديل هو قناة بنما، لكن الرحلة تستغرق فترة أطول بسبب الالتفاف في الاتجاه الآخر.
ووفقاً لبيانات وكالة “بلومبرغ”، فإن 10 بالمئة من تجارة النفط، و8 بالمئة من تجارة الغاز المسال تمر عبر قناة السويس، بينها نحو ثلثي النفط الخام القادم من منطقة الخليج، ويرى خبراء أن الولايات المتحدة أكبر المستفيدين من تعطل إمدادات النفط عبر القناة، إذ إن تعطّل الإمدادات يشكل فرصة لتحقيق حلم طالما راودها، وهو أن تشكل بديلاً لتوريد النفط إلى أوروبا بواسطة السفن، عبر الأطلسي.
وانخفضت أسعار النفط الخام بأكثر من واحد بالمئة لتصل إلى 63.85 دولار للبرميل بعد حل أزمة القناة، بعدما زادت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية إلى المثلين تقريباً بعد جنوح السفينة، وأثر غلق القناة على سلاسل الإمداد العالمية مما كان يهدد بحدوث تأخيرات باهظة التكلفة للشركات التي تعاني أصلا بسبب قيود كوفيد-19، فيما وأشار تقرير لشركة أليانز للتأمين إلى أن اليوم في تعطّل نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة، “يكلّف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار”..
والأهمية الأخرى للقناة أنها ليست فقط ممراً للسفن، بل هي ممر أساسي، لا بل إجباري لحركة الإنترنت العالمية. فهي عقدة إلتقاء كابلات الانترنت البحرية التي تربط كل من أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، أي ما نسبته 17% من مستخدمي الإنترنت حول العالم، علماً أنها قد تصل إلى 30% بحسب بعض الخبراء المصريين مما يعني أن نسبة حركة الإنترنت عبر هذه القناة أكبر من نسبة حركة سفن الشحن التي تعبرها والمقدرة بـ 10% من سفن الشحن العالمية. وبحسب البيانات الرسمية، يبلغ عدد الدول التي تربطها مصر إلكترونياً من خلال كابلات الإنترنت حوالي 50 دولة تمتد من بريطانيا وبلجيكا غرباً وصولاً إلى أستراليا واليابان شرقاً. وبالتالي تعد هذه القناة النقطة الأمثل لمد كابلات الإنترنت من أوروبا والشرق الأوسط إلى الهند، حيث توجد أقل مساحة من الأراضي التي يجب عبورها، ما يعزز موقع مصر الاستراتيجي على الخارطة العالمية.
إضافة إلى وجود 10 “محطات هبوط” لاستقبال الكابلات على سواحل مصر المطلة على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وحوالي 15 طريقاً برياً عبر البلاد، 10 منها تديرها عملاق الاتصالات المصري. كما تعد قناة السويس المصدر الثاني للدخل بالنسبة لمصر بعد السياحة.