كميل يعقوب: واجبنا إعادة الوهج والتألق لاسم سورية
القامشلي – كارولين خوكز
الفنان كميل يعقوب فنان سوري نشأ وترعرع في مدينة القامشلي، والآن يعيش في بلاد الاغتراب منذ أكثر من عشرين عاماً، باحث في الفنون ومحاضر في ثقافة الحضارات، رافقه الحلم منذ بداياته الأولى في عالم الفن، صاحب مشروع قومي وإنساني قابض عليه بكل قوته. يؤمن بأن الفن أداة تواصل، وجسر حوار بين كل الثقافات والحضارات، عندما تحاوره تلمس فيه بساطة وطيبة السوري ابن الجزيرة الحالم كل يوم بأن يرى ثمار قمحه تخرج في حقول الفن والأمل. ومن خلال عرض أعماله على الصفحات الإلكترونية كانت هناك تلاحم من المتتبعين لأعماله التي ظهر فيها انفتاح على الفن، وحوار الحضارات. وللوقوف على تجربته كان هذا الحوار:
نعرف دائماً أن الفن يبدأ موهبة ويتطور مع الوقت.. حدثنا عن بدايتك في فن النحت؟
تولد الموهبة مع جينات الإنسان، أما تطورها فيعتمد على الإنسان نفسه وقصة تطور الموهبة لديّ اعتمدت على الثقافة التي حاولت أن أبنيها لنفسي، ووجدت نفسي عاشقاً للبحث ودراسة حضارات فجر التاريخ في سورية والعراق، وأنا أحاضر في هذا التاريخ. وفي المجال الأدبي والفلسفي قمت بالتخصّص بدراسة فكر وأدب “جبران خليل جبران”، ووظفت موهبتي في الرسم لخدمة عملي الثقافي، وهذا بدوره قادني للانتقال من الرسم بالفحم إلى فن النحت حيث أقدّم الوجه الحضاري المشرق لسورية.
من خلال التواصل واللقاء معك استشعرت شغفك الكبير بالنحت، ماذا تحدثنا عن هذا الشغف؟
فن النحت لديّ يشبه العشق، وهذا الحب يقود إلى الإبداع وإلى تطوير الفكرة، وعندما أنتقل لتنفيذ فكرتي الفنية وتحويلها إلى واقع أتحوّل إلى أب لا يستطيع مفارقة طفله، وحتى عندما أقرّر أن أرتاح أجد نفسي جالساً أمام العمل الذي لم ينتهِ لساعات أتأمله وأحرسه بعيوني.
هل من أسلوب محدّد تتبعه في تقديم عملك الفني؟
عملي هو فني ثقافي والمادة الرئيسية في أعمالي مستمدة من تاريخ حضارات سورية القديمة، وعندما أقوم بنحت أي عمل أو شخصية تاريخية فإنني أقدّم العمل بطريقة الفيديو كليب مع شرح كامل عن الحضارة التي يعود إليها أو عن الشخصية نفسها، وأقوم بالشرح باللغتين العربية والسويدية، وهذا له تأثير مزدوج لكي لا ينسى الشباب السوري المغترب أو الذي ولد في الغرب حضارة بلده، وأيضاً تعريف الشعب الأوربي بأن سورية هي مهد الحضارات الإنسانية. وعملي الرئيسي الآن وبعد سنوات الحرب الكونية على سورية وعودة الأمان هي إعادة الألق إلى اسم سورية ومحو الصورة النمطية التي تشكّلت في عقول الأوربيين عن سورية، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة بأنها بلد حرب ودمار. وواجب كل سوري مخلص الدفاع عن وطنه بأي طريقة وأنا اخترت الفن كوسيلة حضارية.
لبناء جسر حضاري وتواصل بين الشرق والغرب.. أي أهمية لذلك؟
طبعاً هناك أهمية مطلقة، فعودة جسور التواصل تؤدي إلى إنعاش سورية وهذا أحد واجبات المغتربين، ومؤخراً كان لديّ عمل فني مهمّ بعنوان (سلام إلى أوغاريت)، وهو نحت عن أبجدية أوغاريت، وقد قمت بتحضير فيديو كليب مترجم للغة السويدية للتعريف بهذه الحضارة السورية القديمة، وفي نهاية الفيلم أدعوهم لزيارة بلدي الجميل سورية وقد حاز على اهتمام الإعلام السويدي، كما قامت صحيفة سويدية بإجراء ريبورتاج صحفي وتلفزيوني عن العمل الذي ترك انطباعاً طيباً لدى السويديين وكذلك فعل التلفزيون السوري.
وهل تعتمد على تجسيد الواقع أم الخيال في منحوتاتك؟
الحافز الأول والأخير هو محبة الناس، وحقيقة في بدايات عملي كنت أعمل بصمت، ولكن منذ سنوات ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بدأت أنشر أعمالي وبدأت قاعدتي الجماهيرية تتسع، وصارت محبة الناس هي الحافز الأول والأخير وأنا أتلقى يومياً رسائل محبة وإعجاب بفني.
هل تعتبر نفسك سفير الفن السوري في الغرب؟
لطالما اعتبرت نفسي سفيراً لبلدي وأثناء الحرب الظالمة على سورية كنت أقول بأن كل مغترب يجب أن يكون سفيراً لوطنه، وكان دفاعنا ينصبّ على التصدي للهجمة الإعلامية ضد سورية ومحاولة إظهار الحقيقة، وتنظيم المظاهرات بطريقة حضارية في الساحات العامة وأمام بعض السفارات للتنديد بسياسات الدول التي دعمت الإرهاب والمسلحين في بلدي، واليوم ونحن نشاهد الهدوء يعمّ أغلب المدن السورية واجبنا كسفراء إعادة الوهج والتألق إلى اسم سورية، وأنا اخترت المجالين الأدبي والفني لتقديم صورة مشرقة عن بلدي.
ما علاقتك بالجمعيات الفنية والعامة في السويد، وهل ضمن خططك مشروع عمل فني مشترك بين سورية والسويد؟
حقيقة لطالما عملت وحدي وبجهودي الفردية ولم تكن لي أي علاقة بجمعيات فنية في السويد، ولكن بعد أن أصبح اسم كميل يعقوب معروفاً للإعلام وللشعب السويدي وأصبحوا يحبون ما أقدّم وينتظرون الجديد فقد بدأت حواراً مع جمعيات فنية سويدية للانضمام لها وسأفعل ذلك في المستقبل، لأن ذلك يصبّ في خدمة بلدي، وأنا أخطّط لتقديم المزيد من الأعمال الفنية. أما عن خطط لمشروع بين السويد وسورية، فالموضوع مبكر الحديث عنه لأننا اليوم نعمل كما أسلفت سابقاً على محو صور الحرب من أذهان الأوربيين بشكل عام والسويديين بشكل خاص وهذا بغاية الأهمية.