ثقافةصحيفة البعث

توثيق دور المرأة في الدراما والحفاظ على هويتنا الدرامية

السياسة الثقافية والفنية بحاجة إلى تحصين مالي، أهم المقترحات التي أجمع عليها الحاضرون والمشاركون في ندوة “المرأة في الدراما السورية” التي أقامتها جمعية الخط العربي والفنون، بمشاركة الشاعرة عدنة خير بيك، والكاتب سامر محمد إسماعيل، بإدارة وحوار الإعلامي محمد سمير الطحان في المركز الثقافي العربي “أبو رمانة”، والبداية كانت بالسؤال إذا كانت الدراما قد أعطت المرأة حقها بالبطولة النسائية، أم أنه للرجل الحصة الأكبر؟.

أجاب الكاتب سامر محمد إسماعيل عن السؤال الذي رأى فيه لبساً، فكل ما يقال عن دور المرأة بالمسرح أو الدراما أو السينما هو “مانشيتات” تسيء للمرأة وتضعها في خانة العالم الثالث، فحينما نتكلم عن المرأة أو الرجل نتكلم عن الإنسان، والحياة حالة تكاملية بين الرجل والمرأة، والدراما صورة عن الواقع، فلا يمكن أن نقسم بينهما، والفن الجاد لا يصح دون وجود المرأة والرجل معاً.

ورأت الشاعرة عدنة خير بيك أن المرأة في الدراما لم تقدم صورة حقيقية عن المرأة التي في الواقع، وهناك أعمال قدمت نماذج لا تشبهنا.

وعن سؤال إذا كانت المرأة أثبتت قدرتها على خوض العمل الدرامي على صعيد الإخراج أو الكتابة أو التمثيل؟. استحضر الكاتب إسماعيل بدايات المسرح القومي بمشاركة بطلات الدراما السورية: منى واصف، وثناء وثراء دبسي، ومها الصالح، حيث استطاعت المرأة أن تقدم نصوصاً للكتّاب العالميين، فالسوريون قدموا لمحات نوعية حينما كانت درامانا محلية صرفة بعيدة عن المحطات النفطية، نسترجع أعمال دريد لحام ونهاد قلعي ونجاح حفيظ، هذه أعمال شامية دلت على ثقافة دمشق، ونجاح حفيظ صورة عن المرأة الدمشقية التي تدير أعمالها وتملك فندقاً، ومن نزلائه النحات، والصحفي الذي تقع بغرامه، وخالها على دراية بمشاعرها، فدمشق قاطرة الوعي، ومنها انطلقت حركات التحرر، وخطورة الدراما أنها تعمل ضمن أجندات خارجية بناء على طلب المنتج، وعلى تنميط دور المرأة، لاسيما بأعمال البيئة الشامية.

أما كيف قُدمت أعمال السيرة الذاتية النسائية؟. فبيّن إسماعيل أنه لدينا مشكلة مع التاريخ، وأن ماري عجمي قُدمت بصورة إيجابية أكثر من الواقع على سبيل الذكر، وأن تاريخ سورية حافل بشخصيات نسائية هامة مثل غادة السمان، وكوليت خوري، وألفة الادلبي، واعتدال رافع، وغيرهن، لكن العزوف عن إنتاج مثل هذه الأعمال يعود إلى عدم التسويق، فلا توجد سوق محلية للدراما، والخليج يهيمن برأس المال على الإنتاج، كما فعلت السينما الأمريكية التي هيمنت على السينمات العالمية.

وعن السؤال ماذا قدمت الدراما خلال عشر سنوات من الحرب؟. رأت عدنة خير بيك أن الدراما السينمائية تفوقت على الدراما التلفزيونية وكذلك المسرح في إظهار دور المرأة خلال سنوات الحرب، فالمرأة التي كانت تحمي أسرتها وتعمل وتأخذ مكان الرجل، كانت أم الشهيد أو زوجته أو أخته، وتساءلت: أين المرأة المقاتلة؟. نحن اليوم بحاجة إلى توثيق دور المرأة السورية المقاتلة وتوثيق تضحيات المرأة في الحرب والحصار في درامانا التلفزيونية التي تدخل إلى كل بيت، فما قدمته الدراما لا يرتقي إلى تضحيات المرأة التي قاتلت واستشهدت وساعدت الجرحى، وكان لها دور فعلي بمواقع القتال، وحمت أطفال الأسر المنكوبة.

-واشترك المشاركون والحاضرون في الإجابة عن سؤال كيف سيكون النهوض بواقع الدراما؟. فبيّن إسماعيل أن سورية متنوعة الثقافات والمناخات، وقدمت للبشرية الموسيقا والأبجدية، وحفلت بألوان  التراث، ونحن بمرحلة إعمار سورية علينا أن نعي تماماً أهمية الإعمار الثقافي، فكل المولات الموجودة في سورية لا توجد فيها صالة سينما، ولا مسارح، فنشر الأمكنة الثقافية من أولويات الإعمار، كما أننا بحاجة إلى تخصيص ميزانية أكبر للثقافة والفنون والإعلام، فعلى سبيل الذكر الأجور التي يتقاضاها الصحفي والكاتب مخجلة تدل على عدم احترام الكاتب والكتابة.

وعقبت عدنة خير بيك على قلة ارتياد الأماكن الثقافية، فحينما تذهب إلى سينما الكندي لا تجد إلا أربعة أو خمسة أشخاص يودون حضور الفيلم، ورغم ذلك يتعاون الموظف معهم ويعرض الفيلم، لتصل إلى أهمية تعاون الوزارات مع وزارة الثقافة بإشراك وزارة التربية والتعليم العالي بحضور الطلاب العروض السينمائية والمسرحية. كما تطرقت إلى العروض المسرحية التي تستمر أسبوعاً أو عشرة أيام فقط، لماذا لا تكون مدتها أطول ليتسنى لأكبر عدد من الجمهور حضورها.

ورأى الناقد نضال قوشحة أن الدراما أهم صناعة في سورية، ومن واقع الدراما نرى بأنه لا توجد لها معايير، فكثير من الأعمال التي ترفضها الرقابة نراها معروضة، لذلك حتى ننشىء صناعة درامية صحيحة يجب نبحث عن الحاضن المالي.

ورأى الكاتب عماد نداف أن المشكلة تكمن بالسياسة الثقافية والفنية التي تحتاج إلى تحصين مالي للحد من رأس المال الخليجي، ومن الليبرالية التلفزيونية التي تسيء إلى قيمنا. وبرأي المخرج عدنان أبو سرية أن الدراما لم تنصف الهوية السورية بسبب رأس المال الخليجي، وسورية قادرة على حماية الممثل والمخرج والكاتب والمثقف السوري الذي يحمل الهم الوطني من مغادرة سورية.

 ملده شويكاني