قراءة في “همس الأقحوان” للشاعر يوسف خليل
تناولت المجموعة الشعرية “همس الأقحوان” للشاعر يوسف خليل مجموعة نصوص تنوعت عناوينها ومفرداتها التي تعتمد على الإحساس التعبيري الجاد والخفي والمعلن نتيجة الصراع الداخلي، وهو ما جعل الشاعر يمرّ بعدة مراحل. ونصوص المجموعة جاءت بقصيدة النثر والتفعيلة التي تبث مكنونات عواطف الشاعر ومشاعره ليبدأ بقصيدة “دموع الياسمين” ويقول: “من رأى.. دموع الياسمين.. من سأل (نزار).. من سمع الأنين.. والياسمينة تنثر أزهارها.. وأرزها على الراحلين”، بدت الصورة إيحائية بصيغة فنية وإبداعية ومشاعر إنسانية، وفيها تساؤلات عن تلك الجذور المتأصلة والتاريخ الذي وصفه بالياسمين. وفي قصيدة أخرى بعنوان “أسئلة بلون الربيع” بدت الصورة الشعرية مفعمة بالحياة والألم وتكاثفت المفردات والصور الإبداعية وتجليات الحالة النفسية والواقع الذي يعيشه الشاعر ليقول: لتبقى الأسئلة.. بلون الربيع.. بلون العيد.. بحلة وردة تزور شهيد. كما تغنّى بدمشق العزة حيث قال: هذي دمشق.. الأساطير والأولاد.. كتبت رسالتها.. لكل غادر أو عابر.. فلماذا وإلى متى تطعن ميسلون؟.. هذه سورية.. شجرة الميلاد شجرة الكون.
في نصوص الشاعر آفاق مرتقبة وآمال مزعومة من هول اللحظات وانكسارات الزمن الرديء، ترجمة صريحة ومباشرة بلغة تعبيرية وجدانية، وفي بعضها يلجأ إلى تقنية الحوار الصرف التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومرة يلجأ إلى التقنية ذات الوقع الخاص وهي الأخذ ببنى مختلفة للمونولوج الداخلي لدى الشاعر، كالتأمل الفكري أو الاسترجاع وملاحقة تشظي الذاكرة، وقد نقلنا الشاعر بتفاصيل ذاكرته وطفولته والموت والحنين للأم التي زرعت الحب على وجه الكون ليقول في قصيدة “خيوط الليل”: ناديت يا أمي/ يا وردة في حديقة أحزاني/ تكفكف دموع انتظاري/ وغيوماً بيضاء سوداء/ غيوم الموت تمطرني/.
الشاعر متأثر جداً بالموت، وفي قلبه غصّة وجرح لا يندمل، فكيف وهو الذي فقد فلذة كبده ولده الشاب، لتكون المجموعة الشعرية “همس الأقحوان” هي العنوان والقصيدة المنسوجة من روحه لولده، فكانت الروح متعبة وفيها أنين الرحيل ووجع الذكريات ليقول: /على مفارق السنين/ دقات الثواني/ إلى حيث ترقد دمعتي/ في غفلة من الزمن الخالي/.
باختصار يمكن القول إن قصائد “همس الأقحوان” تميّزت بلغتها التي استطاعت التعبير عن حالة الشاعر مع اعتماد حاد للرؤيا من خلال جملها المفعمة بالواقع.
هويدا محمد مصطفى