الخطّ العربي امتداد لقدسية اللغة العربية في ندوة الغزو الثقافي
سورية الأولى بالحفاظ على اللغة العربية، ورغم ذلك تتعرّض لمخاطر الغزو الثقافي.. بهذه المفردات استهلّ الإعلامي محمد خالد الخضر ندوة مواجهة الغزو الثقافي والتطبيع التي خصّصها للغة العربية والفنّ التشكيلي في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة) ضمن محور اللغة العربية والحرف العربي.
إسرائيل وإضعاف اللغة
بدأ الشاعر جهاد بكفلوني بالتحذير والإنذار من الخطر المحدق باللغة العربية، واختراق الغزو الثقافي مستحضراً قول إبراهيم اليازجي:
تنبهوا واستفيقوا أيها العرب/فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
واستغرب استخدام كلمة “التطبيع” المشتقة من فعل طبع، أي جعل الأشياء طبيعية، وكأن العلاقة بيننا وبين الصهاينة كانت طبيعية ثم نشب خلاف عابر، وهذا ما يحاول اللاهثون وراء إسرائيل ترويجه، لكننا كنّا وسنبقى نصرّ على أن فلسطين عربية، واللغة العربية تتعرّض لمدفعية تلقي حممها، ويجب ألا نكتفي بأن الله عزّ وجلّ حفظ اللغة العربية بالقرآن الكريم، إذ امتدت جحافل الغزاة، ويوجد في إسرائيل أشخاص يدرسون اللغة العربية ويجيدونها، ليحاولوا إضعاف اللغة، كما تسرّبت الكلمات الأجنبية وأصبحت سارية على اللسان، وعلى أسماء المحال، والعامية اقتحمت وسائل إعلامنا، إضافة إلى الإعلانات الطرقية التي تُكتب بالعامية أيضاً، وتابع أن سورية كانت الدولة الأولى بحرصها على اللغة العربية ويتمّ التدريس بها بالكليات العلمية، وقد تفوق الأطباء السوريون الذين درسوا باللغة العربية في كل الدول وحصلوا على أعلى المراتب. ويصل د. بكفلوني إلى أن المخاطر تزداد الآن، فالجامعات الخاصة تدرّس باللغات الأجنبية، وإسرائيل تريد أن تهاجم المعقل الأخير لسان الضاد الذي يجمعنا، ونحن مطالبون بالاستبسال لنصرة أم اللغات والحفاظ عليها، فهل ينهض الحريصون عليها ويدافعون عنها؟.
الخط العربي وقدسيته
وترى التشكيلية رباب أحمد أن قدسية الخط العربي امتداد لقدسية اللغة العربية لما يحمله من قيمة روحية نتباهى بها بين الأمم، وتوقفت عند خاصية اللوحة الحروفية وأكدت أنه ليس من الضرورة أن تكون مقروءة ورغم ذلك يستمتع بانسيابيتها المتلقي، أما الحرف العربي ضمن اللوحة التشكيلية فهو أداة ضمن كادر اللوحة وبنائها الداخلي وهندسة خطوطها وألوانها، مشيرة إلى خاصية الخط العربي بتموجاته الانسيابية التي تتعشق ببعضها، فيستثمرها الفنان التشكيلي بالرؤية البصرية التي يبدع بها، ويوظّف الحرف عنصراً بصرياً يخدم اللوحة. كما أشارت إلى أن قلة من الفنانين التشكيليين يستخدمون الحرف العربي، متوقفة عند تجربة د. محمد غنوم الذي لم يشتغل على النسب الهندسية للحرف العربي فقط، وإنما على الإيقاع الموسيقي له أيضاً وكوّن مدرسة خاصة به، كما ذكرت تجربة الفنان بشير بشير الذي استخدم الحرف كعنصر ضمن منظومة لونية، إضافة إلى محمود حماد وأكسم طلاع وغيرهما، لتخلص إلى أننا بالخط العربي نواجه من يحاول غزو لغتنا وثقافتنا وهويتنا.
الأوغاريتية والعربية
وعاد د. إياد يونس إلى أصالة اللغة العربية والتاريخ الذي ننتمي إليه، وبيّن أن مخاطر الغزو الثقافي امتدت إلى كل المجالات، إلا أن الأخطر هو غزو اللغة العربية بعد التطبيع، ولاسيما بعد اعتراف الأمم المتحدة بأن اللغة العربية إحدى أهم اللغات الثلاث العالمية: الإنكليزية والفرنسية والعربية.
وانتقل إلى التاريخ الكنعاني والآرامي مبتدئاً من الألف الثالث ق. م، ويرى أننا اليوم بصدد مواجهة ثلاث مدارس تحارب اللغة العربية، الأولى أسّسها شلوزر على نظرية صهيونية، والثانية المدرسة الآشورية في هولندا يترأسها فاضل الربيعي الذي أسقط التاريخ الكنعاني على الساحل السوري ومن الجولان، والمدرسة السبئية التي مقرها في بريطانيا وتقوم على نسف كل الحضارات التي كانت على أرض سورية الكبرى.
وتوقف عند ظهور الأبجدية المسمارية الأوغاريتية وهي الطفولة الأولى لكتابة العربية، وتقارب الأوغاريتية من اللغة العربية بالأحرف والمفردات والأسماء، وبالأوزان الشعرية، ومن ثم انتشار الفينيقية وهي لغة شبه فصيحة، ثم اللغة الآرامية وتطور الحرف ليأخذ الشكل العربي. وأنهى د. يونس حديثه بأن كل الأبحاث أكدت أننا أصحاب حضارة، وأن كلمة عرب لها دلالات تؤكد حضارة المنطقة، لذلك تتعرّض اللغة العربية للمخاطر.
عدم تنمية اللهجات
حفلت الندوة بمناقشات أثارت جدلاً بين اللهجة العامية واللغة العربية الفصيحة، فأثار الإعلامي علام عبد الهادي مسألة الغزو الثقافي من خلال مؤسسات خارجية تعمل على تأليف كتب باللهجات المحكية من مناطق مختلفة من جغرافية سورية ما يشكّل خطراً على اللغة العربية، إضافة إلى أبعاد سياسية تمهد لتمزيق المجتمع، وكذلك الوقوف في وجه العامية في الإعلام الرسمي بعد انتشارها بالإعلام الاستهلاكي ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد الأديب بكور العاروب أن التهديم يبدأ من اللغة واختراقها، فلابد من تضافر الجهود للحفاظ على اللغة العربية التي كرّمها الله لأنها لغة القرآن الكريم والتي تجمع الأمة العربية بلغة موحدة والتمسّك باللغة العربية بالإعلام الرسمي والمنابر.
وتوصلت الندوة إلى أهمية استخدام اللغة العربية بالتواصل، ومن الممكن توثيق اللهجات كنوع من التراث غير المادي، والحفاظ على الخط العربي بتنمية هذا الفن وتعليمه للأجيال القادمة.
ملده شويكاني