الكرملين: روسيا تحرك قواتها داخل أراضيها وهذا لا يشكّل تهديداً لأي دولة أخرى
على خلفية الصراع الدائر بين روسيا والغرب الذي تقوده الإدارة الأمريكية في محاولة لإثارة الاضطرابات مجدداً على حدود روسيا الغربية، كثفت القوات الروسية من حضورها على هذه الحدود، وخاصة بعد التصريحات البريطانية الأخيرة المثيرة لمناخ عدم الاستقرار والداعية إلى تسخين النزاع مع روسيا، حيث أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا تحرّك قوّاتها داخل أراضيها على الحدود مع أوكرانيا بالشكل الذي تعتبره ضرورياً، مؤكداً أن هذه الإجراءات لا تشكّل تهديداً لأي دولة أخرى.
وتعليقاً على التقارير التي زعمت أن وحدات عسكرية روسية تتحرّك في منطقة روستوف، وتخفي أرقام السيارات العسكرية، قال بيسكوف: إن “الجيش الروسي يتحرّك على الأراضي الروسية في الاتجاهات، التي يعتبرها ضرورية، وبالشكل الذي يعتبره ضرورياً لضمان الأمن”، مضيفاً: إن ذلك “لا ينبغي أن يسبب أدنى قلق لأي طرف”.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو قد تعزّز وسائلها الخاصة بالتجاوب مع التهديدات الناجمة عن خطط “ناتو” لإنشاء ترسانة من الصواريخ الأرضية المتوسطة والقصيرة المدى.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، في بيان: “سنستمر في متابعة الخطوات العملية المتعلقة بإنشاء ترسانة من الصواريخ الأرضية المتوسطة والقصيرة المدى من الأمريكيين وحلفائهم في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع الأخذ بعين الاعتبار نيات بريطانيا التي أعلنت عنها”.
وتابع البيان: “لا يعني ذلك إطلاقاً أننا نغلق الباب أمام الحوار ونحكم إغلاقه، لكننا لا نستبعد أن تجد روسيا نفسها مضطرة في الظروف الراهنة إلى تركيز جهودها على تنفيذ الإجراءات الخاصة بالتجاوب العسكري التقني على التهديدات الصاروخية الناشئة”.
ولفتت زاخاروفا إلى تصريحات متكررة يصدرها ممثلو البنتاغون في الأسابيع الأخيرة حول ضرورة اتخاذ خطوات عملية للإسراع في نشر صواريخ أرضية متوسطة وقصيرة المدى في مختلف مناطق العالم، “بينما تم تحديد أن تكون مهمتها الرئيسة على أرض أوروبا إصابة وسائل الدفاع الجوي وما سمّي إحداث ثغرات في دفاعات العدو في ظروف نزاع محتمل مع روسيا”.
وذكرت المتحدثة أن العسكريين البريطانيين انضموا إلى صفوف مطلقي التصريحات والقائمين بالخطوات “المزعزعة للاستقرار والعدائية بشكل سافر”، مشيرة إلى أن القادة العسكريين الأمريكيين والبريطانيين “مهووسون” بمهمة تدمير “وسائل محض دفاعية مكلّفة ضمان أمن روسيا الاتحادية في حال تعرّضها لعدوان عسكري”، كما لفتت إلى أن مزاعم العسكريين البريطانيين بأن مدى الصاروخ العالي الدقة (Precision Strike Missile) لا يتجاوز 499 كم ليست سوى “تضليل صارخ ومقصود”، مشيرة إلى أن تكثيف الجهود لتنفيذ مثل هذه البرامج العسكرية يضيّق المجال أمام حل سياسي دبلوماسي لـ”مشكلة ما بعد معاهدة الصواريخ” الروسية الأمريكية التي بادرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى إنهاء العمل بها، ومنع تصاعد التوتر في المجال الصاروخي.
وأكدت زاخاروفا أن موسكو لا تتسلم إشارات واضحة بهذا الخصوص من الإدارة الأمريكية الجديدة ولا من معظم حلفاء واشنطن في ناتو، بينما تبقى كل المبادرات الروسية الهادفة إلى إزالة الشواغل المتراكمة لدى الطرفين في المجال الصاروخي “دون أيّ ردّ بناء”.
إلى ذلك، أعلن مصدر في الصناعات العسكرية الروسية أن الاختبارات الجارية على الغواصة النووية التجريبية “بيلغورود” الحاملة لغواصات “بوسيدون” المسيرة، ستكتمل بحلول أيلول المقبل.
وأفاد المصدر في تصريح لوكالة نوفوستي بأن الغواصة النووية الجديدة تمر الآن بمرحلة اختبارات على الإرساء، كما جرى إطلاق المفاعل على متنها.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد كشف لأول مرة عن تطوير “بوسيدون” في رسالة إلى الجمعية الفيدرالية في عام 2018، لافتاً إلى أن مثل هذه الغواصات المسيرة يمكن تزويدها بأسلحة تقليدية ونووية، ما يسمح لها بضرب مجموعة واسعة من الأهداف، بما في ذلك حاملات الطائرات والتحصينات الساحلية.
وفي إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها واشنطن على خصومها التجاريين ومن بينهم روسيا والصين باستخدام الدولار كأساس للمبدلات التجارية، قال ألكسندر بانكين، نائب وزير الخارجية الروسي: إن انخفاض إمكانية التنبؤ بالسياسة الأمريكية يضع تحت الشك موثوقية وملاءمة استخدام الدولار في التعاملات التجارية المتبادلة.
ورأى هذا المسؤول الروسي في مقابلة مع وكالة نوفوستي أن تقليص استخدام الدولار في التسويات المتبادلة في العمليات التجارية كان ردّ فعل موضوعياً على الواقع الجيوسياسي الحالي.
وأشار بانكين إلى أن التراجع في إمكانية التنبؤ بالسياسة الاقتصادية الأمريكية، والفرض غير المنضبط للعقوبات “يشكك في موثوقية وملاءمة استخدام العملة الأمريكية كعملة ذات أولوية في العقود”.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي في هذا الصدد: “من المنطقي أن تضطر البلدان والشركات في مثل هذه الظروف، إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى تقليل الخسائر والمخاطر الاقتصادية أثناء المعاملات، وتهتم بتطوير آليات بديلة للتسويات المتبادلة. وفي ضوء ذلك، فإن التوسع في استخدام العملات النقدية الوطنية في العمليات التجارية مع الدول الأخرى أصبح يحظى بأهمية متزايدة، وأصبح مجالاً مهماً في جدول الأعمال الاقتصادي الخارجي الحالي”.
ومن جهة أخرى، أعلن نائب وزير الخارجية أن روسيا لا تستبعد ظهور نظام بديل للدفع السريع “سويفت”، مشيراً إلى أنه “أخذاً في الاعتبار التطور السريع للعملات الرقمية وبلوكتشين، فمن الجلي أن أساس التسويات الدولية يمكن تشكيله على أساس تكنولوجي جديد تماماً”.
ورأى الكسندر بانكين أن تطوير أنظمة “سويفت” بديلة، التي ستكون أكثر تقدماً ولن تدعي احتكاراً في هذا المجال، “هو ليس فقط استجابة للواقع الجيوسياسي الحالي، ولكن أيضاً استجابة للحاجة إلى تحديث طرق الدفع مع الأخذ بعين الاعتبار الإنجازات المتقدمة الحديثة في المجال الرقمي”.