مع تحفظ غرف التجارة.. هل سيكون لتعهد إعادة القطع دور في استقرار سعر الصرف؟
دمشق- ريم ربيع
مجدداً يعود الحديث عن العمل بتعهد إعادة قطع التصدير، مع مطالبة مجلس الوزراء لاتحادي غرف الصناعة والتجارة بتقديم مقترحاتهما، فيما يتعلق بتعهد إعادة القطع جزئياً أو كلياً، بحيث تُدرس المقترحات من قبل وزارة المالية ومصرف سورية المركزي لإعداد مشروع القرار اللازم وإعادة العمل به بما يحقّق الفائدة للدولة والتاجر والمواطن.
القرار – القديم الجديد – لاقى ردود فعل مختلفة بين من اعتبره مصدراً مهماً لرفد الخزينة بالقطع، وآخرين رأوا فيه حدّاً وعرقلة لنشاط التصدير، فالصيغة القديمة التي كان معمولاً بها قبل 2016 لتعهد القطع انتهت بالتراجع عنه، والصيغة التي طرحت في 2019 رُفضت، ولم يتمّ تطبيقها، ما يجعل اتخاذ أي قرار جديد مرتبطاً بمدى دراسته والتشاور مع مختلف الأطراف لإنجاحه بأفضل صيغة وتجنّب الثغرات القديمة.
جاء توقيت مراسلة مجلس الوزراء لاتحادات الغرف بالتزامن مع الضغوطات الكبيرة والمضاربة التي وصلت بسعر الصرف إلى أرقام غير مسبوقة، ما حدا بالمركزي لاتخاذ إجراءات عدة لضبط السعر واستقراره، وكثيرة هي الآراء التي أيّدت عودة تعهد القطع كواحدة من هذه الإجراءات من باب ردّ الدعم الحكومي المقدّم لمختلف مراحل الإنتاج على الأقل! حيث اعتبر الأستاذ في الاقتصاد د. زكوان قريط أن إعادة تطبيق القرار ستساهم بشكل كبير وفعّال في استقرار سعر الصرف، وتأمين وارد مهم من القطع لخزينة المركزي.
ذو حدين
إلا أن قريط لم ينكر أن القرار في حال اتُخذ سيكون سلاحاً ذا حدين، فهو سيضخ القطع بالخزينة العامة، لكنه سيُشعر المصدّرين بأنهم ظلموا وسيحجمون عن التصدير، ما سيؤثر على أحد أهم موارد القطع، معتبراً أن المصدّرين لديهم الحق بمخاوفهم، فكما عليهم واجبات لهم أيضاً حقوق ويجب دعمهم بصيغة ما، لكن دون إفساح المجال لسيطرة البعض على القطاع.
واقترح قريط تطبيق تعهد القطع مقابل ضوابط واضحة، كأن يُعطى المصدّرون مهلة للدفع ريثما يستردون قيمة صادراتهم من الجهة المستوردة، فأغلب المصدّرين لا يأخذون قيمة ما يصدّرونه بشكل فوري، وأن يتمّ احتساب قيمة القطع لهم بسعر تفضيلي قريب من سعر السوق الموازي، والأفضل – برأي قريط – أن يتمّ تحديد نسبة واضحة لإعادة القطع، كأن يسترجع 20% مثلاً من قيمة الصادرات بالقطع الأجنبي، وليس كامل القيمة. وبيّن قريط أن المرحلة الحالية تتطلّب تدخلاً قوياً للقطاع العام، وأن يتصدّر المشهد الاقتصادي ويتولى الاستيراد والتصدير للحدّ من تدخل الوسطاء وضبط سعر الصرف.
رفض تام
المقترح يبدو أنه لم يوافق متطلبات التّجار، حيث بيّن نائب رئيس لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق فايز قسومة أن الغرف تتجه إلى الرفض التام للقرار، معتبراً أن إعادة القطع يسيء لعملية التصدير بشكل كبير، فهو يزيد الكلفة على الصادرات المتعبة والمنهكة بالأساس، لأن القيمة التي سيقدّمها المركزي مهما علت لن تكون كالسعر الموازي، فأن يتمّ إعادة القطع مقابل 1200 أو حتى 2500 ليرة فهذا يعتبر دماراً للصادرات!.
ورأى قسومة في تصريح لـ”البعث” أن القرار سفرز طبقة من المنتفعين تسيء لعملية التصدير، حيث إنه ليس لكل تاجر أو صناعي القدرة على تنظيم تعهد تصديري وتسديده، فيلجؤون لمجموعة محدّدة تقوم بهذه العملية لقاء مبلغ ما، موضحاً أن قاعدة المصدّرين ستتقلص، وهناك من سيتهرّب منها، كما أن سعر الصرف سيرتفع في ظل العقوبات على المصارف السورية وحرمانها من الحوالات الخارجية.
لا تتحمل أعباء
“صحيح أن القطع عند التصدير لا يعود للمصرف المركزي، لكنه يُسترجع عن طريق مواد أولية واستيراد أصناف أخرى كانت ستحتاج سحب القطع من السوق وزيادة الطلب عليه”، يضيف قسومة: باعتبار أن الحكومة تريد مساعدة المصدّرين ودعمهم وإعطاءهم ميزات وإعفاءات وتعويضات مالية، فلا يجوز وضع عقبات في وجههم في الوقت نفسه، مؤكداً أن الصادرات لا تتحمّل أي عبء إضافي الآن، فالمعامل مغلقة ويوجد صعوبات بتأمين حوامل الطاقة، كما سجلت الصادرات في العام الماضي 700 مليون دولار، مقابل 4 مليارات دولار للمستوردات، مما يشير إلى فجوة كبيرة جعلت الهمّ الأكبر اليوم تنشيط الصادرات لتقليصها.
وفي حال الإصرار على تطبيق القرار، يقترح قسومة إعطاء السعر الحقيقي للصادرات، وإيجاد أقنية تمكّن من إعادة ثمنها. بدورها غرفة صناعة دمشق وريفها اختارت التأني في إبداء رأيها ريثما يجتمع أعضاؤها لدراسة القرار، مؤكدة عبر من تواصلنا معهم من أعضائها أن تنشيط الصادرات يعتبر من أولويات الصناعة والتجارة اليوم، وأي قرار سيُتخذ يجب أن يصبّ في مصلحتها لا العكس.