“حالة جامعة”
معن الغادري
قبل سنوات وتحديداً في الثلاثينات والأرببعينات من القرن الماضي كان البعث حاضراً بأهدافه وقيمه ومبادئه، وكان متفاعلاً فكرياً وثقافياً وعقائدياً وأخلاقياً مع قاعدة واسعة من المجتمع بكافة شرائحه، ومع انعقاد مؤتمره التأسيسي الأول في السابع من نيسان عام 1947 أخذت قاعدته بالاتساع عامودياً وأفقياً، ليشكل في مراحل نضاله الطويلة والمستمرة إلى يومنا هذا صوت وقوة الجماهير الكادحة والتي حسمت منذ اللحظة الأولى لإنضمامها إلى صفوف البعث خياراتها وقرارها بتبني أخلاقيات وسلوكيات ومبادىء وقيم حزبنا العظيم والتي ارتكزت على بناء الإنسان في خدمة الوطن وقضايا الجماهير وتحقيق آمالها وتطلعاتها نحو مستقبل مشرق وواعد.
ومن هنا كانت انطلاقة البعث والذي استطاع في كافة مراحل تجدده أن يشكل حالة تفاعلية جماهيرية واكبت وبروح عالية من المسؤولية الوطنية متطلبات النهوض الفكري والثقافي والبنيوي والتنموي.
البعث ومنذ نشأته وتأسيسه كان رافضاً لسياسة الانكفاء والانطواء، بل كان حيوياً ومتجدداً وقابلاً للتطوير من منطلق إيمانه العميق بوحدة الوطن والمجتمع وبضرورة وأهمية مواكبة المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية، ومناصرة حقوق الشعوب الحرة والقضايا المصيرية والعادلة، وبذلك حافظ على قوته وعلى رسوخ قيمه وأفكاره ومبادئه بالرغم من ما كل ما عصف بالمنطقة العربية والدولية من كوارث وحروب إرهابية وأحداث مؤلمة، وشكل حالة وطنية جامعة بالنظر إلى بعده الوطني والقومي والإنساني والمجتمعي والأخلاقي في السلوك والمنحى، وبالنظر إلى ما أحدثه من ترابط عقلاني وموضوعي ومنطقي في العلاقة بين العروبة والإسلام وتبني نظرية العلمانية الوطنية.
أما اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس البعث فلا بد من التأكيد مجدداً أن الحزب بقيادة الأمين العام السيد الرئيس بشار الأسد يمتلك كل القدرة على تطوير منظومة عمله، وبما يتماهى مع الحاجة للنهوض والبناء الحقيقي لسورية المتجددة، وهو لا شك التزام مبدئي وأخلاقي وعقائدي أخذه الحزب على عاتقه منذ اللحظة الأولى لشن الحرب الإرهابية على سورية، فكان في الصفوف الأولى إلى جانب ابطال الجيش العربي السوري مقدماً التضحيات والدماء في سبيل عزة الوطن وكبريائه، واليوم أيضاً وبعد الانتصار على الإرهاب يتقدم الصفوف في مشروع إعادة الإعمار والبناء، بناء الإنسان قبل الحجر، ما عزز من حضوره الجماهيري والشعبي كشريك أساسي في عملية التنمية وتحصين الوطن ضد أعدائه.