الكرملين: وجود قواتنا عند حدود أوكرانيا ليس موجّهاً ضد أحد
أكد الكرملين أن وجود القوات الروسية في المناطق الحدودية مع أوكرانيا ليس موجّهاً ضد أحد وسيظل مستمراً ما دامت الحكومة تعدّ هذا الإجراء مطلوباً.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحفيين اليوم: “أكرر مرة أخرى ما سبق أن أكدته مراراً: لم ولا تهدّد روسيا أحداً ولا تشكّل خطراً على أحد. القوات المسلحة الروسية منتشرة في تلك المناطق التي يعدّ وجودها فيها مطلوباً ومناسباً، وسيستمر هذا الانتشار ما دامت قيادتنا العسكرية وقائدنا العام يرون ذلك مناسباً”. وأكد بيسكوف أن هذا الأمر يتعلق خاصة بوجود القوات الروسية قرب حدود أوكرانيا.
وردًاً على سؤال عما إذا كان نشر بعض الوحدات العسكرية التابعة للجيش الروسي عند حدود أوكرانيا مؤخراً جاء كإجراء دائم أو مؤقت، ذكر المتحدث أنه لا يملك معلومات بخصوص خطط الانتشار العسكري داخل البلاد.
وتأتي هذه التصريحات على خلفية تصعيد جديد من حدّة التوتر ومخاوف متزايدة من اندلاع جولة جديدة من الصراع العسكري جنوب شرقي أوكرانيا، حيث كثفت قوات حكومة كييف في الفترة الأخيرة عملياتها ضد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين ذاتياً..
وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، قد أعلن أمس عن بدء تدريبات عسكرية للتأكد من الجاهزية القتالية للقوات المسلحة الروسية، قائلاً: إن “القوات خرجت إلى ساحات التدريب، لإجراء تدريبات تكتيكية، وثنائية”
وفي سياق متصل، أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، أن بلاده لا تخطط للتدخل في النزاع المتصاعد بمنطقة دونباس شرق أوكرانيا رغم أن روسيا تتابع عن كثب تطورات الأوضاع هناك.
وفيما يخص العلاقات الروسية الأمريكية، اعتبر باتروشيف، أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تراجعت إلى أدنى مستوى منذ الحرب الباردة.
وقال باتروشيف، خلال مقابلة مع صحيفة “كوميرسانت” الروسية نشرت اليوم، ردّاً على سؤال حول ما إذا كانت روسيا والولايات المتحدة على وشك دخول فترة مواجهة طويلة الأمد: “هذا ما لا نريده على الإطلاق. لا توجد لدى الشعبين الروسي والأمريكي اليوم أسباب للعداء، لا تفصلنا الأيديولوجية مثلما كان ذلك سابقاً، بينما هناك مجال واسع للتعاون”.
وأضاف باتروشيف: “الحاجة إلى تعاوننا تزداد بسبب الجائحة، التي تؤدّي إلى تفاقم التحديات والتهديدات للاستقرار العالمي. هناك تصاعد للتوتر العسكري السياسي في عدد من المناطق، وتنامٍ لقوة الإرهاب الدولي والتطرف، وتصعيد للخلافات بين الدول، وذلك إضافة إلى الفقر والمجاعة والأوضاع البيئية الصعبة”.
وأشار باتروشيف إلى أن “الوضع السياسي اليوم بالفعل ليس جيداً، والعلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى منذ الحرب الباردة”.
وأضاف: “لكن تاريخ العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، الذي يرجع إلى سنوات طويلة، يظهر أن دولتينا أبدتا في اللحظات الحاسمة القدرة على ترتيب التعاون على الرغم من الخلافات”.
وتابع: “لهذا السبب نتوقع تغلب المنطق السليم في واشنطن لينطلق حوار روسي أمريكي جوهري حول القضايا، التي لا يمكن حلها بشكل فعّال على الإطلاق دون عمل مشترك بنّاء بين بلدينا”.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان الكرملين يتوقع اعتذاراً عن تصريح بايدن، قال: “لا، والأمريكيون، كما تُظهر ممارساتهم، غير قادرين مبدئياً على الاعتراف بذنبهم أيّاً كانت الملابسات”.
وأشار باتروشيف إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الأب، “أعلن أمام الجميع أن أمريكا لن تقدم أبداً أي اعتذار لأحد”، مبيّناً أن “من الأبسط بالنسبة إلى النخبة الأمريكية وضع نظرية معقدة توضح سبب ضرورة التصرف بطريقة أو بأخرى، يمكنني أن أطلق على هذا الأمر تسمية متلازمة هيروشيما”، في إشارة إلى إلقاء الولايات المتحدة قنابل نووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين أواخر الحرب العالمية الثانية، رغم أن الاتحاد السوفييتي كان على وشك إطلاق حملة واسعة في مانجوريا ضد القوات اليابانية، بينما كانت سلطات اليابان مستعدة للاستسلام، مشدّداً على أن هذه الضربات لم تكن هناك أي ضرورة لشنها، وعلى الرغم من ذلك تصرّ الولايات المتحدة على أنها كانت أمراً لا مفر منه، وأضاف باتروشيف: “تجري أمام أعيننا إعادة كتابة التاريخ”.
وتعهّد بايدن خلال مقابلة مع قناة “ABC” يوم 17 آذار بأن بوتين “سيدفع ثمن التدخل الروسي” في الانتخابات الأمريكية، كما صرّح ردّاً على سؤال حول ما إذا كان يعتبر نظيره قاتلاً بـ”نعم”.
وردّاً على هذه التصريحات، التي أثارت ردود أفعال واسعة على نطاق دولي، اقترح بوتين على بايدن إجراء محادثات على الهواء مباشرة في أقرب وقت لمواصلة المناقشات بين الطرفين عوضاً عن “تبادل الانتقادات غيابياً”.
لكن بايدن لم يوافق عملياً على هذه المبادرة، وأعرب مع ذلك عن قناعته بإجراء محادثة في “مرحلة معينة” مع بوتين دون تقديم ردّ مباشر على اقتراحه، بينما قال البيت الأبيض: إن الرئيسين سيلتقيان “في الوقت المناسب”.
واستدعت روسيا في ظل هذه التطورات سفيرها لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنطونوف، للتشاور، وهو لا يزال موجوداً في موسكو حتى اليوم.