“أقمار في ليل حالك “.. البنية الملحمية والحياة الأسطورية للإرادة المنتصرة
حلب ـ غالية خوجة – معن الغادري:
كيف للمعاناة أن تكرر مرتين؟ وكيف للفن أن يكون وعياً آخر للضوء؟ وكيف للانتصار أن يكون الإيقاع المستدام المضيء لحقيقة الواقع المتواصل ضمن المستقبل؟
هذا ما يجيبنا عنه المسلسل الوثائقي “أقمار في ليل حالك”، للكاتب محمود عبد الكريم ، وهو يكرر معاناة وطننا الحبيب مع الإرهابيين من أجل الوفاء للشهداء والجيش والشعب والانتصار الذي لا ينتهي، وهذا ما شهدته البعث ميدانياً من خلال متابعتها لبعض مشاهد الحلقة 16، التي تصور في ريف حلب الشرقي من مطار كويرس.
المخرج المبدع نجدت إسماعيل أنزور أدار عدسته الساحرة، وهو الذي وضع بصماته الخاصة على أكثر من ألف عمل بصري بين مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية وغيرها، اتسمت بثيمات موضوعية مختلفة محورها الإنسان والوطن والقيم من خلال المحبة والحرب والصراع الدرامي المشهدي النفسي والاجتماعي، كما اتسمت بفنيات جمالية منها المشهدية الملحمية والحكائية والفانتازية، إضافة إلى الجملة التصويرية التي توظف العوامل والعناصر والتفاصيل توظيفاً متناغماً هادفاً متشابكاً، وعادة ما تترك أعماله أثرها التشويقي في وجدان المتلقي، وأثرها الإستفهامي والإشكالي.
المخرج أنزور أكد أن العمل، الذي كتبه محمود عبد الكريم، يتوج كافة الأعمال الفنية وأحدثها تقنياً لأنه يحدثنا عن قصص واقعية بأسلوب فني تتداخل فيه البنية الملحمية، والحياة الأسطورية للإرادة المنتصرة، ويتناسل حكايات من حكايات عاشتها الشخصيات التي تجاوز عددها 300 ممثل مشارك، والبطولة فيها لدماء الشهداء والتحدي والانتصار للجندي والمواطن والمجتمع المتناغم بكافة فئاته ومؤثراته وتحولاته ومواقفه المضيئة.
وأضاف: استعنّا بمدير التصوير محمد حبيب من مصر الذي ساهم معي بعدة أعمال فنية منها “أخوة التراب”، ومعظم الممثلين من الشباب خريجي المعاهد الفنية، واستخدمنا في بعض اللقطات الذخائر الحية لمزيد من الواقعية.
وأجاب البعث: العمل متصل لكن ليس بالشخصيات ذاتها، لأن لكل منطقة شخصياتها، وما يربط هذه الشخصيات هو النص والإخراج، وسيكون هذا العمل خطاً جديداً للدراما السورية، وسنقول ما قبله ومابعده.
وزير الإعلام عماد سارة زار موقع التصوير، برفقة محافظ حلب حسين دياب ومدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون سومر وسوف ومدير الاعلام التنموي في وزارة الاعلام عمار غزالي، وتحدث عن الفيلم الوثائقي وأهميته في الصمود والانتصار، وكيف يجسد بطولات المواطن والمجتمع السوري المتماسك نسيجاً واحداً ضد الإرهاب، مؤكداً أن المعركة من أجل الوطن مستمرة وعلى كافة الجهات والجبهات، وذلك وفاء لدماء الشهداء في هذا الوطن الغالي المستمر بوجوده الحضاري الإنساني.
وأضاف سارة: الجيش العربي السوري سجل بطولات ملحمية محورها البعد الإنساني المتواصلة مع بنية المجتمع الكلية، وهذا الفيلم عمل وثائقي لنعلم مدى البطولات التي حققها جيشنا الباسل، لأننا أصحاب قضية وطنية، وهذه المواقف البطولية عنوان لكل مواطن شريف، لأن الجندي ليس جندياً فقط، بل هو إنسان له عالمه الوجداني وأسرته وعائلته الصغيرة إضافة إلى عائلته الكبيرة المؤلفة من أهل الوطن.
وأشار الوزير سارة إلى أن الجندي السوري دافع عن العرض والوطن وساعد في الآن ذاته الأطفال والكهول والنساء والحجارة والكائنات الحية.
مشيراً إلى أن الفيلم من إنتاج وزارة الإعلام، ويضاف إلى ما تقدمه مثل فيلم “أنت جريح”، و”لآخر العمر”. وتابع: ومن خلال هذه الأعمال وسواها، ومن خلال الواقع، يعلم الجميع أن الحرب على سوريتنا الحبيبة لم تكن فقط حرباً عسكرية بل شملت جميع الأشكال المختلفة، ولا بد من الانتصار على جميع الجبهات والأشكال التدميرية، وبكافة الوسائل، ومنها الفنية والثقافية والإعلامية، لتكريس وترسيخ تضحيات الشهداء والجنود وجميع من دافع، لأن الحرب بكافة أشكالها تلتقي على محور الإرادة التي انتصرت.
“البعث” حاورت عدداً من المشاركين في العمل، حيث رأى المخرج السينمائي يزن نجدت أنزور أن “أقمار في ليل حالك” وثيقة واقعية فنية تسطر بطولات الجيش السوري، ليكون ضوءاً صغيراً فيما حدث، ويعكس القصص البطولية الفردية والمجتمعية، وهذا العمل مسؤولية كبيرة.
وأضاف: المخرج نجدت أنزور يمنح أعماله من روحه، وعينه الساحرة تمتلك أبعادها وزواياها الإبداعية للغة الإنجاز ولغة التوصيل، ولكل مشهد رسالة يؤديها بكافة المفردات الفنية والأدبية والواقعية، وفي هذا العمل قصص كثيرة ومناطق عديدة، وأساعده كمخرج فني من خلال الغرافيكس ما بين الواقع وجمالياته الفنية، وتصوير الغوبرو، والأمور الفنية الأخرى لتكون لغة الصورة أجمل فنياً بجوهرها الواقعي ضمن التقنيات الحديثة المستخدمة في هذا العمل تتسم بإضافات مناسبة.
لكن إلى أي حد من الممكن أن يكون هذا العمل مضاداً للزمان؟
أجاب يزن أنزور: نحارب من يحاربنا وننتصر، وهذا وطننا الذي ندافع عنه بكافة الوسائل ومنها الفن والثقافة، وهذه رسالتنا للأجيال التي ستعي أننا مع الحريات والبناء لا الدمار والظلام، ورسالة الفيلم وهدفه السلام.
وعلى الجانب الآخر، التقت “البعث” بأحد الممثلين وهو زيد الظريف، الذي أكد على أن البطولة جماعية لتضحيات الشهداء والجرحى والمواطن، وأن العمل يحمل رسالته في الإخلاص لتدرك الأجيال أن ما حدث كان تدميراً مخططاً له وليس كما يدّعي الأعداء.
وبدورها، أخبرتنا الشاعرة الإعلامية إيمان كيالي أنها مثلت دور امرأة تعاني من اضطهاد الإرهابيين وكيف كانوا يسيئون إلى الأطفال وكبار السن، وكيف أهانوها بعنف ورموا ما معها من خضار، فتصرخ: أحفادي جائعون.
أخيراً لقد عاش الإعلاميون مع بعض المشاهد التصويرية في مطار كويرس حياة المعركة وكيف كان الدمار والقتل يطال أرضنا وبيوتنا وجنودنا الشجعان الذين ضحوا بأرواحهم لتنبت هذه الوردة أو تلك، ولتستمر الحياة في السنابل والأشجار، ولتبتسم الطفولة، وليعرف الجيل الشاب كم من التضحيات بذلت من أجل أن يحملوا الراية الحقيقية للوطن ويصنعوا المستقبل متذكرين أن المستقبل يشع من هذه الدماء الطاهرة أقماراً ستظل على مدى التأريخ تنير سماء وطننا الأجمل.