مؤيد الخالدي يطلق رسالته إلى المغتربين بمرافقة اوركسترا دمشق
إطلالة المايسترو مؤيد الخالدي على مسرح الدراما في الاوبرا حملت الكثير من الشوق للقاء الأحبة والوطن، فاغترابه في كندا لم يبعده عن الوطن، بل زاده عشقاً وانتماء وولهاً بالموسيقا السورية والعربية، وفي الحفل الموسيقي الغنائي “رحلة مع الأنغام” بقيادته اوركسترا دمشق، والإشراف العام للموسيقي محمد زغلول، قدم أنماطاً موسيقية مختلفة من الطرب الأصيل، والفن المعاصر، والتراث السوري، والموسيقا التصويرية، بتوزيع اوركسترالي على الوتريات، وبعض الآلات الإيقاعية الشرقية خاصة، والبيانو والناي والبزق والقانون والأكورديون الذي كان له دور خاص في بعض المقطوعات، وأخذ الترومبيت دوراً حزيناً بمشاركة العازف نزار عمران، إضافة إلى مفاجآت زادت من جمالية الحفل الذي قدمته الفنانة وفاء موصللي.
بعد الافتتاحية بعزف مقطوعة بلد المحبوب ألحان محمد عبد الوهاب، غنت هبة فاهمة أغنية “أنا بستناك” لنجاة الصغيرة، وألحان بليغ حمدي، وتوزيع أحمد رحيم، وتميزت بعزف المقدمة الموسيقية، وجمالية الفاصل الإيقاعي القصير، وصولو الناي، والتكثيف الوتري، والأداء الملفت لتغييرات الجملة اللحنية الغنائية لـ “أنا بستناك”، ثم غنى الكورال مع الاوركسترا موشّح “لما بدا يتثنى”.
تغيّرت أجواء الأمسية مع اللحن النشط لتوليفة الفرقة، ودور الأكورديون- العازف وسام الشاعر- “امتى حتعرف” أغنية أسمهان الشهيرة، ألحان محمد القصبجي التي غنتها ساندي توما بصوتها الجميل وأدائها التعبيري.
وشكل عازف الغيتار طارق صالحية وعازف العود محمد السبسبي ثنائية لافتة بالتناوبات الموسيقية، والحوارية لموسيقا “ها الأسمر اللون” من التراث مع غناء الكورال.
وأفرد الخالدي فقرة خاصة تحية وفاء لروح ميادة بسيليس التي زرعت بوجدان الفن السوري نغماً لم ولن يتكرر بعزف موسيقا أغنيتها الشهيرة “كذبك حلو- ألحان سمير كويفاتي-” بمرافقة العازف نزار عمران على الترومبيت الذي أخذ الدور الغنائي لصوت بسيليس، ومرافقة البيانو بالبداية، ثم الكمانات مع الأكورديون. كما حيا الخالدي العملاق الياس الرحباني بعزف موسيقاه التصويرية التي ألّفها لفيلم دمي ودموعي وابتسامتي، توزيع أحمد رحيم. ثم تفاعل الجمهور مع قالب موسيقا التانغو، وألحان يا زهرة في خيالي لفريد الأطرش، وصولو البداية مع الأكورديون، ثم توليفة الفرقة والبيانو بغناء ريان جريرة.
المساحة الكبيرة كانت مع الطرب الأصيل وأغنية دارت الأيام لأم كلثوم، ألحان محمد عبد الوهاب الذي طوّع فيها آلة الأكورديون بالموسيقا الشرقية، وجمالية التوليفة مع الناي، والجمل القصيرة للكمانات، وتميز محمود الحداد بقدرته على الغناء بمساحة صوتية واسعة وطبقة مرتفعة، كما عزفت الاوركسترا “جنات ع مد النظر” أغنية وديع الصافي، واختُتم الحفل بالغناء الجماعي لنشيد درب الخيال، ألحان مطيع المصري، وفق تقنية تعدد الأصوات، والبداية الحماسية مع الترومبيت.
الانتماء والاغتراب
وأوضح المايسترو مؤيد الخالدي أن حفله في الاوبرا يحمل رسائل من دمشق بلد العز والأصالة والفن العريق إلى كل دول العالم، رسالة تحمل عبق موسيقانا الرائعة، وفي الوقت ذاته هي رسائل لكل المغتربين، فرغم الآلام وأوجاع الحرب، مازالت سورية تقدم الفن الأصيل، ويرى الخالدي أن كل مغترب سوري يشعر بلوعة البعد عن الوطن الأم سورية، ويشتاق لروحانية موسيقانا، كما أشاد بعازفي اوركسترا دمشق، وبالأصوات الغنائية، والتوزيع الاوركسترالي، وتوقف عند اختياره البرنامج، وحرصه على انتقاء المقطوعات بدقة، منوّهاً إلى أن جزءاً كبيراً من البرنامج لم يعزف سابقاً، خاصة نشيد درب الخيال الذي لم يقدم أبداً، وأراد أن يقدمه من خلال الكورال لأنه يحمل رسائل لكل السوريين، ليس في سورية فقط وإنما في كل دول العالم، وأعرب عن سعادته ببث الحفل مباشرة إلى العالم ليعبّر عن عظمة سورية القادرة على تجاوز المحن، والانتماء الذي نشعر به نحن السوريين داخل سورية يزداد أكثر في المغترب، وأضاف: من خلال برنامجي الإذاعي “يا مال الشام” الذي قدمته على مدى عشر سنوات من كندا للفن السوري الخالص، وصلت رسالتنا إلى كل المغتربين، لأن الفن قادر على إيصال رسائل محمّلة بالحنين والدفء تدفع المغترب للالتزام والانتماء الحميمي بوطنه سورية.
وقد شكّل هذا الحفل انعطافاً في حياة مؤيد الخالدي الذي قرر أن تكون إقامته حالياً في دمشق لتنفيذ العديد من المشروعات الفنية.
تخلل الأمسية عرض فيلم توثيقي عن مسيرة المايسترو مؤيد الخالدي ابتداء من تخرّجه في موسكو باختصاص قيادة اوركسترا والتأليف، إلى عودته لسورية ومشاركته بتأسيس معهد الأسد، ومن ثم سفره إلى سلطنة عمان وتأسيسه القسم الشرقي، وقيادته الفرقة الشرقية في المدرسة السلطانية في السلطنة، إلى اغترابه في كندا وقيادته اوركسترا “أندلسيا” منذ عام 2005 حتى الآن.
ملده شويكاني