رئيس الحكومة ينفي تصريحه بزيادة الرواتب و”العمال” غير راضين عن “وزارة الطوابير”
دمشق – ميس بركات
لم يتردد أعضاء المجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال بدورته الثالثة من إطلاق تسمية”وزارة الطوابير” على وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، في ظل غياب الشفافية والمصداقية في تصريحاتها وتصريحات الحكومة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بزيادة الرواتب وتحسين واقع منظومة الكهرباء والنقل والخبز وأسعار السلع، الأمر الذي استفز رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس لينفي ما نسب إليه مؤخراً من تصريح بزيادة الرواتب موضحا أن تصريحاته كانت في واد وما تناقلته وسائل الإعلام في واد آخر، وأن الحكومة تحتاج إلى عشر سنوات للتحول إلى طاقات بديلة لتوليد الكهرباء.
إيجاد مخارج للازمات
لقاء العمال مع الحكومة في أعمال المجلس العام بدورته الثالثة حمل الكثير من المطالب العمالية وعدم الرضا من قبل العمال عن أداء الحكومة، وبالتالي خلق حالة من الإرباك لأعضاء الحكومة التي لم تنجح – من وجهة نظرهم – في إيجاد مخارج للازمات الجمّة التي تحدث عنها المداخلون، والتي تمحورت حول الوضع المعيشي الصعب وغياب قرارات حقيقية رادعة وسط حالة الفلتان والفوضى في الأسواق دون رقابة خاصة في ظل انخفاض سعر الدولار مع استمرار ارتفاع أسعار السلع، وضرورة العمل على تخفيف التثقيلات على الراتب من خلال آليات المعالجة المدروسة وفق الإمكانيات المتاحة، في وقت طالب البعض بإعادة النظر بالتعميم الصادر من الوزراء بعدم قبول طلبات العودة للعمل، لاسيما وأن هناك الكثير من الحالات تحتاج لإعادة نظر، كذلك معالجة بعض القوانين التي تخص العمال “قانون العاملين والتأمينات والتعيينات”، ونوّه البعض إلى ضرورة الشفافية والمصداقية في تصريحات الوزراء، خاصة فيما يتعلق بأزمات النقل والإزدحام على الأفران وغيرها من الأوضاع المعيشية الصعبة.
كما جرى الحديث عن المخالفات الجمّة في أغلب المؤسسات والدوائر، لاسيما في المؤسسة السورية للتجارة وعدم التزامها برسائل المواد المدعومة، وغياب المنتج السوري في صالاتها، وتطرق البعض للحديث عن الواقع السيء للتيار الكهربائي، خاصة في محافظتي حماه وحمص والتجاوزات التي تحصل في إمداد المناطق بالمادة وفق محسوبيات معيّنة، مطالبين بتوفير بدائل لتوفير الكهرباء التي شلّت عمل المعامل والشركات، إضافة إلى رفد المعامل والقطاعات الإنتاجية بكميات كافية من المواد النفطية كي تستطيع الإنتاج، ولفت البعض إلى سوء الوضع الحالي في مرفأ طرطوس في كافة المناحي وعدم كفاءة إدارته، كما تساءل الحضور عن غياب عمل ودور وزارة التنمية الإدارية وإيقافها للكثير من المسابقات بحجة تعيين المسرحين من الخدمة العسكرية والذي لم يتم حتى الآن، وعدم إصدار الوزارة لتعديلات قانون العاملين رقم 50 لعام 2004 رغم الاتفاق عليها مع الاتحاد، و جرت المطالبة بإلغاء الفوائد المركبة على القروض، وتجديد عقود العمال في بعض المؤسسات في محافظة الرقة، لاسيما وأن أغلبهم يملك خبرة عمل طويلة، إضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز السكن العمالي في محافظة حماه، وتشكيل لجنة في كل مؤسسة إسكان في المحافظات لدراسة أوضاع العمال المنقطعين عن تسديد الأقساط لأكثر من ثلاث سنوات وإعادة النظر بأوضاع هؤلاء العمال للاستفادة من السكن العمالي، كذلك إعادة النظر بالأقساط الشهرية.
ونوّه البعض إلى الأثر السلبي لغياب النظام الداخلي لعمل المؤسسة السورية للمخابز بعد عملية الدمج بين الشركة العامة للمخابز مع وحدة تشغيل المخابز الاحتياطية، والأمر نفسه ينطبق على المؤسسة العامة للحبوب بعد دمج الشركة العامة للمطاحن مع الشركة العامة للمطاحن، وعدم صدور نظام داخلي للمؤسسة، مما ينعكس سلباً على مفاصل العمل وسير العملية الإنتاحية، كذلك المطالبة باستكمال مشروع الزجاج”الفلوت” المتوقف منذ بداية الأزمة، علماً أنه تم التعاقد مع شركة صينية لاستكماله، ولم ينجز حتى الآن مما يسبب هدرا في المال العام.
القادري يبحث عن حلول منطقية
بدوره تحدث جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال سورية عن ضرورة إيجاد حلول منطقية للوضع المعيشي والحاجة الماسة لزيادة الرواتب، خاصة مع ازدياد الهوّة بين الدخل والإنفاق، وضرورة وضع خطة منطقية ومدروسة لتضييق هذه الفجوة مع إعادة النظر في فلسفة الرواتب ومتممات الرواتب والأجور، وسلط رئيس اتحاد العمال الضوء على بعض القضايا كمشروع الإصلاح الإداري الذي اعتبره مطلبا وطموحا لأبناء الطبقة العاملة، لما له من أثر كبير وبنّاء في النهوض بالوظيفة العامة في سورية، لكن في المقابل هناك الكثير من القضايا التي عُطلت أو أجلت بناء على هذا المشروع وتحت يافطته، فعلى سبيل المثال أوقف مشروع تثبيت العاملين المؤقتين وقد وصل إلى مرحلة صياغة المرسوم ورفعه تحت وقع التريث حتى ينجز مشروع الإصلاح الإداري، كذلك أوقف مشروع تعديل قانون العاملين الأساسي وتم الاتفاق منذ أكثر من 5 سنوات على تعديل أكثر من 15 مادة تلامس قضايا عمالية حقوقية، لكنه أوقف تحت عنوان أن هناك مشروعاً يعد للوظيفة العامة في سورية وللتنظيم المؤسساتي، إضافة إلى إيقاف مشروع تحويل العمال المياومين إلى عقود سنوية والذين بلغ عددهم 13500 عامل، وتطرق القادري إلى عدم وجود أي تجربة مضيئة في مجال الدمج بين الشركات، وغياب الدمج المدروس القائم على الحاجة الوطنية والاقتصادية، فمن غير المنطقي المفاخرة بأرباح السورية للتجارة فهي مؤسسة تدخل إيجابي وجميع مؤسسات التدخل الإيجابي في كل دول العالم خاسرة، لأنها تتدخل في السوق باتجاهين إما لصالح المستهلك بفرض أسعار أقل من أسعار السوق أو لصالح المنتج بفرض أسعار أعلى من التي يفرضها السوق لاستمرار المنتج وبالحالتين هي مؤسسات خسارة وتمول من الخزينة العامة، وبالتالي من الضروري إعادة النظر بآلية عمل المؤسسة وطرق التسعير التي تتبعها، مشدداً على موضوع الاكتفاء الذاتي وتفعيل الصناعة، لاسيما بعد الدور المهم الذي حققه القطاع العام الصناعي في تصليب صمود البلد من الناحية الاقتصادية، لذلك لا بد من إعادة بناء هذا القطاع بالطرق الممكنة، وإصلاح ما يمكن إصلاحه أو اللجوء للتشاركية فيما يتعذر إصلاحه.