الدور المشبوه لـ”لجنة العدالة والمحاسبة الدولية”
ترجمة: الدراسات
كشفت مجموعة من الأساتذة في المملكة المتحدة، الذين نشروا تحقيقات موضوعية وعلمية، عن المعلومات المضلّلة والأكاذيب التي كانت في قلب الحرب الغربية القذرة التي استمرت عقداً من الزمن على سورية. إن نجاح هذه المجموعة في فضح هذه الدعاية، وخاصةً عن المخالفات المرتكبة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، جعلها هدفاً للأشخاص المؤيدين للحرب في الحكومات الغربية ووكالات الاستخبارات، جنباً إلى جنب مع حلفائهم في الشركات الكبرى.
في شهر آذار الماضي، تمّ الكشف عن أن ما يُسمّى “لجنة العدالة والمحاسبة الدولية” (CIJA)، وهي منظمة يتمّ تمويلها من قبل العديد من الحكومات الغربية المرتبطة بوكالات المخابرات البريطانية، قد نفّذت عملية لتشويه سمعة عضو أكاديمي. انتحل ممثل CIJA صفة على أنه روسي تحت اسم مزيف وخدع باحثاً بريطانياً يُدعى Paul McKeigue لتزويده بمعلومات بهدف إلحاق الأذى به، وتشويه سمعة مجموعته البحثية، وتشويه سمعة المشاركين فيها كأدوات للكرملين.
وقع الباحث البريطاني المناهض للحرب على سورية في شرك منظمة مدعومة من حكومته. وعليه اتهم المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال (OLAF) رسمياً CIJA بالاحتيال، وتقديم مستندات مزوّرة وفواتير غير نظامية، وأوصى السلطات في المملكة المتحدة وهولندا وبلجيكا بمقاضاة المنظمة المموّلة من الاتحاد الأوروبي.
وفي السابق نشرت صحيفة “غراي زون” تحقيقاً يوثق التكتيكات المشبوهة التي تتبعها CIJA، والصلات الواسعة مع الحكومات الغربية، والتعاون المباشر مع فرع تنظيم “القاعدة” في سورية.
مدير ومؤسّس CIJA، يُدعى ويليام وايلي، يدير أيضاً شركة تُدعى “تساموتا”، وتشترك الشركتان في العنوان القانوني نفسه. استخدم “وايلي تساموتا” للاستفادة من الصراعات التي تعزّز مصالح السياسة الخارجية الغربية، وجنى الملايين من العقود الحكومية، بينما قدّم المشورة لشركات التعدين الكندية حول كيفية تجنّب الملاحقة القضائية لأنشطتها في إفريقيا.
تُظهر الوثائق المسرّبة أن “وايلي تساموتا” مرتبط ارتباطاً وثيقاً باستخبارات غربية أخرى ومتعاقدين حكوميين مثل ARK، والتي كانت في مركز حملة تضليل عالمية هائلة تهدف إلى تنظيم استهداف سورية. تعاونت تساموتا و ARKفي إطلاق مشترك لما يُسمّى “الهيئة السورية للعدالة والمساءلة”، والتي غيّرت اسمها في 2014 إلى CIJA.
بعد أن حصلت منذ عام 2013 على تمويل يُقدّر بنحو 42 مليون يورو (ما يقرب من 50 مليون دولار أمريكي) من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وكندا وهولندا والدنمارك والنرويج -الدول التي شنّت حرباً على سورية ودعمت الإرهابيين- أصبحت CIJA الأداة الرئيسية للحرب التي تستهدف الحكومة الوطنية السورية.
أنفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون المليارات على تسليح وتدريب الإرهابيين، والجماعات السلفية التكفيرية، لمحاولة النيل من الدولة السورية، كما فعل حلف شمال الأطلسي في ليبيا في عام 2011. لكن في حملتهم استكملت هذه الدول الغربية جهودها العسكرية بأشكال أخرى من الحروب غير التقليدية والمختلطة، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية الخانقة غير الشرعية.
تمّ إنشاء CIJA في عام 2012، في بداية الحرب القذرة على سورية، كسلاح لما تسميه هذه الحكومات الغربية “العدالة الانتقالية”، أو تغيير النظام عن طريق المحكمة. (أُطلق على هذا المبدأ أيضاً اسم “مسؤولية المقاضاة”، استناداً إلى مفهوم “مسؤولية الحماية الذي استخدمه المتدخلون الليبراليون لتبرير حروب الناتو التي دمرت دولتي ليبيا ويوغوسلافيا).
وقد تعاون محقّقو اللجنة مع “القاعدة” وجماعات سلفية مسلحة، وتمّ الاعتراف بتعاون CIJA مع “القاعدة” في تمرير مقال دعائي مزيف في صحيفة “ذا غارديان” قبل أن يتمّ مسحه سريعاً من الذاكرة، ولم يتمّ ذكره مرة أخرى من قبل وسائل الإعلام للشركة نفسها التي طبعته!.