عطلة “كورونا” تعطّل أسواق المدارس بخسارة ثلاثة ملايين مستهلك “طالب”
دفع قرار إيقاف المدارس الأخير، على خلفية الوقاية من انتشار فيروس “كورونا”، بالكثيرين لتغيير أعمالهم والبحث عن فرص عمل جديدة، في وقت تشكّل فيه الخدمات المساندة لقطاع التعليم في مراحله المختلفة، مورداً ومصدر عيش مباشراً لعشرات آلاف الأسر، من هؤلاء.. العاملون في نقل الطلاب والكوادر التعليمية والإدارية، وباعة القرطاسية والوسائل التعليمية، والأكشاك التي تبيع الوجبات الجاهزة والمشروبات والأغذية المختلفة (داخل المدارس وخارجها)، والجهات التي تتولّى الصيانة والتنظيف وعمليات التشغيل وغيرها، فضلاً عن عديد الفرص غير المباشرة، التي يخلقها تشغيل هذا القطاع المؤثر اقتصادياً واجتماعياً.
سوق 3 ملايين مستهلك
تعدّ سوق التعليم بمراحله المختلفة من أكثر الأسواق نشاطاً وتأثيراً في الاقتصاد، حول العالم، ولكنها تصبح في الدول الفتية سكانياً (ديمغرافياً)، ومنها سورية، السوق الأهم على الإطلاق، ويكاد يقترب حجم هذه السوق لدينا من خمسة ملايين مستهلك- طالب، ونظراً لعدم وجود إحصائيات دقيقة في هذا القطاع، والهجرة خارج البلاد، فإن هذه السوق تقلصت بنسبة لا بأس بها، ويضاف إلى هذين السببين، استثناء بعض شرائح الطلاب من العطلة الأخيرة (الصفين الأول والثاني الثانويين ورياض الأطفال وغيرها..)، فإن تقديرات (تقريبية) تشير إلى أن الحجم بات عند حدود ثلاثة ملايين طالب.
مؤشرات 2011
في ظل عدم وجود مؤشرات إحصائية دقيقة لقطاع الطلاب، فإن الرجوع إلى مؤشرات ما قبل الأزمة، يصبح أمراً أكثر دقة للاستئناس به، حيث كان الطلاب يشكلون، على اختلاف مراحل دراستهم، أكثر من ربع السكان، وتسجل المجموعة الإحصائية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، حتى بداية عام 2011، أن عدد طلاب التعليم الأساسي (حلقة أولى)، بلغ نحو (2.429) مليون طالب، و(حلقة ثانية) نحو (2.232) مليون، والتعليم الثانوي (393) ألفاً، فضلاً عن طلاب الجامعات والمعاهد والمؤسّسات التعليمية الأخرى.
بعض المتضررين
خسارات كثيرة تعرّضت لها تلك القطاعات التي يرتبط عملها بشكل مباشر مع المدارس والجامعات، ولعلّ من أبرزها آلاف الأكشاك والبوفيهات التي تبيع المأكولات والمشروبات وبعض الأغذية داخل حرم المدارس والجامعات، وتتمثل الخسارة هنا، كما يقول أحد مستثمري هذه البوفيهات، باتجاهين: حرمان المستثمر من عوائد دائمة كان يحصل عليها جراء المبيعات اليومية، والتزامه بالدفع للمدرسة عن الأيام التي لم يعمل فيها، لأنه ملتزم بمناقصة سنوية أو دفع شهري، ما يعني أنه يخسر في الحالتين. كما تراجعت أعمال المطاعم الصغيرة والأكشاك والبقاليات القريبة من المدارس أو الواقعة في الطرق المؤدية إليها بنسبة 50%، وفقاً لما يؤكده أصحاب هذه الفعاليات.
وسائل نقل الطلاب تضرّرت هي الأخرى، حيث إنها توقفت بشكل شبه تام، ما دفع أصحابها إما للتعطل أو العمل على بعض الخطوط الداخلية وخطوط الضواحي. يقول أحد السائقين إن ما زاد الطين بلة تزامن هذه العطلة مع نقص حادٍ في المحروقات، أدى إلى توقف وسائل النقل العاملة على الخطوط النظامية، علماً أن الأخيرة تضرّرت أيضاً نتيجة نقص الركاب، الذين يشكل الطلاب نسبة كبيرة منهم.
تفاصيل
للوصول إلى تقديرات تقريبية حول الخسائر التي مُنيت بها هذه القطاعات، حاولنا الوقوف على تفاصيل المصروفات اليومية لطالب متوسط الإنفاق، وهي كالآتي: مصروف جيب 300 ليرة سورية، مواصلات 200 ليرة، قرطاسية 200، أقساط 500، أي 1200 ليرة، يضاف إليها 300 ليرة مصاريف غير مرئية وغير منتظمة، ليصبح الإجمالي 1500 ليرة، مع التركيز على أن هذا الرقم هو متوسط الإنفاق، بصرف النظر عن الأسعار والشرائح الاجتماعية والقوة الشرائية للأسر.
وبضرب متوسط الإنفاق اليومي للطالب بعدد الطلاب المتوقفين عن الدراسة، حالياً، أي نحو ثلاثة ملايين طالب، فإن الإجمالي سيكون 4.5 مليارات ليرة، وهي عوائد فائتة خسرتها القطاعات التي أشرنا إليها، علماً أننا نتحدث هنا عن الخسائر المباشرة، أما إذا أردنا احتساب الخسائر غير المباشرة وغير الملموسة، فإن هذا الرقم يرتفع كثيراً.
إلى ركود..
تعاني سوق القرطاسية والمكتبات في منطقة الحلبوني، وسط دمشق، من ركود كبير، جراء توقف المدارس والجامعات، ويؤكد صاحب إحدى المكتبات أن حركة المبيعات تراجعت، خلال الأسبوعين الأخيرين بنسبة تزيد على 60 بالمئة، فيما اشتكى آخر من ضعف التصريف، في ظل عدم القدرة على تخفيض الأسعار إثر موجة الغلاء الأخيرة وتذبذب أسعار الصرف.
أحمد العمار