فؤاد بلاط.. ودمعة وفاء
د. صابر فلحوط
كلنا راحلون، وأجيال الوطن، وشهداؤه خالدون، أعمدةً من ضياء، وربيعاً من حب، وأنهاراً من العطاء الأرفع والأمنع والأجزل.
فؤاد بلاط، أبو عمر، الذي ابتسمت له الأقدار يوماً فكان الأمين العام لاتحاد الصحفيين، والمؤسس في هذا الاتحاد العتيد، كما كان المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومديراً للمركز العربي للتدريب الإذاعي التلفزيوني، ومعاوناً لوزير الإعلام، وتذوق بسطة العيش وبهرجة الموقع فما اختال ولا تغير وبقي هو هو رمزاً للطيبة والبساطة والوداعة، وكأنه خُلقَ لغير هذا العصر، وعندما هاجمه المرض، وعضه بأنيابه الحادة حاول التعالي على الوجع، فلم تفارق البسمة محيّاه، ولا الطُرفة حديثه ولا السؤال عن رفاق الدرب لسانه.
هذا– البوعمر فؤاد بلاط، زاملناه أكثر من أربعين عاماً فكان الأخ لكبيرنا، والأب لصغيرنا، والزميل لجميعنا. وأشهد أنه كان كفاءة مميزة، في كل منصب تسنمه عن جدارة علمية، واقتدار إداري، مستخدماً شعرة معاوية بذكاء مدهش، حتى أصبحنا نصفه بالرجل الذي لا خصوم له، وبخاصة في فترة إدارته الصعبة للإذاعة والتلفزيون، في مرحلة كان فيها الوزير الاستثنائي المرحوم أحمد اسكندر أحمد يدير الإعلام بتواضع الكبار، وقلب رحب يتسع لمحبيه وشانئيه من العاملين الذين وحَّدهم بعدما كانت أهواؤهم شتى..
أبا عمر – ماذا نقول في وداعك الأبدي وأنت تتسنم مكانك بين رفاقنا الشهداء الشرفاء الذين لم يخلفوا في هذه الدنيا لذويهم من أبناء وأحفاد إلا الكلمة الصادقة والموقف النزيه والإخلاص والوفاء للتراب الوطني، معاهدين أن نواصل المشوار العروبي في أفياء عَلَم ٍ قدسناه، ووطن فديناه، ورسالة آمنّا بها حتى آخر حدود النبض.. لك الرحمات المدرارة ولمحبيك حسن العزاء..