الولايات المتحدة.. قائمة طويلة لانتهاكات حقوق الإنسان
ترجمة: عائدة أسعد
حتى عند الاعتراف بسجلات حقوق الإنسان غير الكاملة في بلادهم، يجادل المسؤولون والخبراء الأمريكيون بأن النظام الأمريكي مبني على طريقة تمكنه من تصحيح أخطائه بنفسه، على سبيل المثال قُتل ما يقرب من 20 ألف أمريكي في عام 2020 في أعمال عنف مسلح، وذلك وفقاً لأرشيف عنف السلاح، وهو أكبر رقم في العقدين الماضيين، بالإضافة إلى انتحار 24000 شخص آخر باستخدام الأسلحة الفردية.
إذا تمكن نظام الولايات المتحدة من تصحيح أخطائه بنفسه فلن يكون هناك إطلاق نار جماعي تلو الآخر، لكن الحقيقة تؤكد أنه وقعت في الولايات المتحدة أكثر من 30 عملية إطلاق نار جماعي راح ضحيتها أربعة أشخاص أو أكثر في 16 آذار الماضي في أتلانتا، جورجيا، وأودى بحياة ثمانية أشخاص بينهم ست نساء.
وبعد إطلاق النار على مدرسة ساندي هوك الابتدائية في ولاية كونيتيكت عام 2012، وقتل فيه 26 طفلاً وبالغاً، طلب الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما من جو بايدن نائبه آنذاك رئاسة فريق عمل لإصلاح قوانين مراقبة الأسلحة، ولكن لم يتم إحراز أي تقدم بذلك الخصوص، ما جعل معظم الأمريكيين محبطين للغاية، ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب عام 2017، قال 58 بالمئة من المستطلعين إنه سيكون لقوانين الأسلحة الجديدة تأثير ضئيل أو معدوم على عمليات إطلاق النار الجماعية.
وبعد وفاة جورج فلويد الأمريكي من أصل أفريقي الذي قُتل بعد أن ركع ضابط شرطة على رقبته لحوالي 9 دقائق في مينيسوتا في 25 أيار من العام الماضي، اجتاحت حركة “Black Lives Matter” المدن الأمريكية بعد أن أصبحت عنصرية ووحشية الشرطة مشكلة منهجية ومستمرة في المجتمع الأمريكي، وهي تعتبر من الانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان التي قوبلت بتوبيخ شديد من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة العام الماضي.
وقد انعكس التوتر والتفاوت العرقي أيضاً في تقرير مركز Pew”” في كانون الثاني الماضي الذي أظهر أن أوضاع الأمريكيين من أصل أفريقي والاسبان أسوأ بكثير من البيض عندما يتعلق الأمر بالتعليم، ودخل الأسرة، والثروة، وامتلاك المنازل، ومتوسط العمر المتوقع، والرفاهية، ناهيك عن أن أكبر عدد من السجناء في العالم يبلغ 2.3 مليون سجين في الولايات المتحدة في عام 2020، و60٪ بينهم من الأمريكيين الأفارقة أو من أصل اسباني.
وعلى الرغم من التقدم الكبير في تعزيز حقوق المرأة، لاتزال حقوق الإنجاب تتعرّض لهجوم خطير في أجزاء كثيرة من الولايات المتحدة، فقبل سنوات تمت مشاهدة عدة أشخاص في واشنطن من مجموعة مؤيدة للحياة يهتفون في وجه امرأة على وشك زيارة مكتب تنظيم الأسرة.
حقيقة، إن مركز الاعتقال سيىء السمعة في خليج غوانتانامو لايزال مفتوحاً بعد ما يقرب من 20 عاماً من انتهاك القوانين الدولية، والاحتجاز غير القانوني وغير المحدود، والظروف غير الإنسانية، والتعذيب، والمحاكمات الجائرة، وكلها لا تشير إلى أنه لدى الولايات المتحدة أية آلية لتصحيح نفسها، ولهذا السبب انتقدتها منظمة العفو الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في تقريرها الصادر في كانون الثاني الماضي، وذلك نقلاً عن بايدن الذي كان نائب رئيس الولايات المتحدة في عام 2009، والذي أخبر مؤتمر ميونخ الأمني: “سنغلق مرفق الاعتقال في خليج غوانتانامو”.
وعلى الصعيد العالمي، تعتبر انتهاكات الولايات المتحدة لحقوق الإنسان بفرض عقوباتها الاقتصادية القاسية غير الشرعية على دول مثل سورية وكوبا وفنزويلا وإيران وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، لاسيما في ذروة جائحة COVID-19 العام الماضي، السبب في تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية في تلك البلدان، والتأثير السلبي على السكان المحليين، وذلك ما أثار إدانة من المجتمع الدولي.
لا يمكن تفسير القائمة الطويلة لانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الولايات المتحدة، أو رفضها بسهولة من خلال الحجة النرجسية القائلة بأن النظام الأمريكي قادر على التصحيح الذاتي لأخطائه.