تقرير “حظر الكيميائي”.. فصل جديد من الحرب
سنان حسن
فصل جديد من فصول الحرب الإرهابية على سورية تكمل مشاهدَه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من بوابة فريق “التحقيق وتحديد الهوية” غير الشرعي بتوجيه اتهام مزوّر وبأدلّة مفبركة للحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية في حادثة سراقب المزعومة عام 2018، قبيل أيام من عقد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية الشهر الجاري، الذي قدّمت فيه فرنسا مشروع قرار لإدانة سورية، ما يؤكد أن فريق الحرب على سورية لم يرُق له الوضع القائم حالياً وعودة الأمن والاستقرار إلى أغلب المناطق، وبدأ بالتجهيز لجولة جديدة من الحرب الإرهابية من بوابة الأمم المتحدة ومؤسساتها المرتهنة لقرار واشنطن وأتباعها.
منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية استخدمت أمريكا وحلفاؤها منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها أداة لتسعير الحرب، فتارة مجلس الأمن لفرض مناطق حظر جوي وفرض البند السابع، وتارة من بوابة العمل الإنساني وإدخال المساعدات إلى المناطق المحتلة دون علم وموافقة الحكومة السورية، وتارة من بوابة الكيميائي الذي نحن بصدده الآن، حيث سجّلت الكثير من الوقائع التي سعت من خلالها واشنطن لإدانة دمشق، من دوما 2013 مروراً باللطامنة 2017 ودوما 2018 وأخيراً في سراقب 2018، من خلال تشكيل لجان تحقيق دون أخذ رأي باقي أعضاء المنظمة والاعتماد على أدلة وبراهين مفبركة ومسيسة لأشخاص ينتمون لمنظمات إرهابية “الخوذ البيضاء”، ولكن وعلى الرغم من كل التهويل بالمنظمة الأممية إلا أن الوقائع والأدلة التي كانت بحوزة سورية وحلفائها كانت دائماً تعرّي الطرف الأمريكي وادعاءاته المزوّرة، فما جرى في حادثة خان العسل 2013 والرفض الأمريكي المباشر لفتح تحقيق في مجزرة ارتكبها الإرهابيون حينها بحق أفراد الجيش العربي السوري، وتالياً في حادثة دوما 2018 والفضائح التي تم الكشف عنها وتورّط بها فريق التحقيق الدولي، كل ذلك يؤكد أن محاولة الاستغلال مستمرة وبزخم كبير والدليل القرار الأخير للمنظمة الكيميائية.
لقد كان العالم ينتظر من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جون بايدن التخفيف من أجواء الحرب التي أشاعها الرئيس السابق دونالد ترامب من بوابة الدبلوماسية القصوى التي أعلن عنها بايدن في حملته الانتخابية، ولكن نجدها اليوم تزيد من الضغوط وترفع من منسوب التوتر في العالم بداية من الصين إلى روسيا وجوارها مروراً بإيران وملفها النووي وغيرها من الملفات الساخنة، والهدف على ما يبدو ليس الوصول إلى الحلول الدبلوماسية أو إيجاد أفق ما يدفع إلى إنجاز حلول منطقية وفقاً لمعطيات المنطق والميدان، وإنما مواصلة سياسة الضغوط القصوى وربما الحرب للحفاظ على السيطرة والهيمنة بعيداً عن سياسة عالم متعدد الأقطاب.
إن سورية أكدت مراراً على لسان خارجيتها أنها “ترفض رفضاً قاطعاً استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي جهة كانت وفي أي زمان أو مكان وأنها لم تستخدم الأسلحة الكيميائية سابقاً ولا يمكن لها أن تستخدمها ضد شعبها”، وعليه فإن ما يجري اليوم من اتهام لها هو حلقة جديدة من حلقات استهدافها المستمرة، فبعدما فشلت الحرب العسكرية المباشرة وسقطت أدواتها الإرهابية في مواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه، لجأت إلى هذه الصنوف والإرهاب الاقتصادي منها علها تحقق ما عجزت عن تحقيقه في الميدان..
واليوم كما عبرت سورية وجيشها وشعبها الكثير من المعارك منذ الجلاء حتى اليوم فهي مصمّمة بعزيمة أبنائها على كتابة فصل جديد من فصول انتصارها وخاصة أنها تعيش اليوم ذكرى الجلاء عن المستعمر الفرنسي، وهي ليست ذكرى عابرة على السوريين، بل فعل نضال دائم ضد أي مستعمر مهما كان اسمه وكانت هويته.