أشرار حارة القبة.. حضور لافت ومستفز
في أي عمل فني، سواء أكان سينمائياً أم تلفزيونياً، تعتبر شخصيات الأشرار عنصراً رئيسياً، فهي لا تقلّ أهمية أو تأثيراً عن شخصية البطل، بل يمكن القول إن العمل لن يكون متوازناً إن لم يكن لهذه الشخصية حضور يوازي حضور الأخرى فهما بمثابة وجهين للعملة نفسها، وعلى الرغم من أن المشاهد سيتعاطف مع شخصية البطل إلا أن شخصية الأشرار دائماً ما تكون هي الأكثر جذباً ولفتاً للانتباه وإثارة للدهشة وأبقى أثراً في الذاكرة.
وفي هذا العام تحضر في الدراما الرمضانية شخصيتان في مسلسل البيئة الشامية “حارة القبة”، الأولى هي شخصية “غازي بيك” التي يقدّمها الفنان خالد القيش، وفي أولى جمله التي منها يستمد المشاهد كمية الحقد الذي سيظهر على الشاشة عندما يقول لأحد الحراس المكلف بأن يجلب الطبيب لوالده “يا ويلك تغلط وتجيب الحكيم ع القصر، الحكيم ما لازم يوصل”!.
تمتلكُ شخصيات الأشرار تكويناً مميزاً على مستوى المظهر الشكلي ممتداً ليشمل البعد النفسي أيضاً، وهذا ما تألق به القيش واستطاع أن يجذب الأنظار إليه، فـ”غازي بيك” رجل حسن المظهر يعتني بهندامه وصاحب حضور مهيب، لكن في باطنه عالم آخر مليء بأحاسيس مشبعة بالحقد والشر والكراهية.
“طبنجة” الشخصية الشريرة الثانية يؤديها الفنان فادي صبيح، اسم الشخصية وحده يوحي بمدى السوء الذي ينبع منها، صاحب سوابق في افتعال المشكلات ضمن الحارة، مليء بالجشع والطمع والحسد، ويطلّ صبيح بإطلالة مختلفة أيضاً من ناحية ملابسه وكلامه والندبة الكبيرة على وجهه، كذلك يبدو متسلطاً عصبياً، حاد الملامح صاحب شخصية شريرة لها علاقة بالمؤامرات والاستغلال والابتزاز.
من الحلقات الأولى برزت هاتين الشخصيتين على الرغم من كمية الشر المحاطة بهما، وشكلت لبعض المشاهدين نوعاً من الاستفزاز، وهذا دليل على الحرفية لصقل الشخصية وتقديمها بالشكل الأمثل، والتنويع الجيد في انتقاء الأدوار فلا يجب أن يتمّ تنميط الممثل أو قولبته في شكل معيّن، فالشخصية الشريرة لها حضورها وهي التي تحرك الدراما، وتشكل عامل جذب للجمهور لكونها القطب الذي يحرك أحداث العمل.
“حارة القبة” عمل يندرج ضمن فئة أعمال البيئة الشامية، والتي تتناول فترة السفربرلك، من تأليف أسامة كوكش، إخراج رشا شربتجي، وتمثيل عباس النوري، وسلافة معمار، وخالد القيش، وفادي صبيح، ونادين تحسين بيك، ومجموعة من النجوم السوريين، وهو من إنتاج شركة عاج للتوزيع الفني.
عُلا أحمد