العرقسوس من أجل حاسة تذوق ناضجة
تتنوع المشروبات الرمضانية خلال الشهر المبارك، فيقبل كثيرون على شراء شراب العرقسوس لما له من فوائد صحية، وعلى الرغم من شهرة هذا المشروب، إلا أنه يحظى بانقسام شديد حوله، فإما أن تحبه أو أن تكرهه، وفي أحد المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، كتب شاب، منصفاً هذا المشروب، عن تجربته معه: “في الصغر كنت أحب الأشياء الحلوة، مثلاً كأس الشاي نصفه سكر، وكذلك القهوة وبقية المشروبات، ولم أكن قادراً على تحمّل طعم العرقسوس أبداً، ولكن عندما كبرت بدأت بالابتعاد عن المشروبات الحلوة وأتجه للمرة مثل القهوة السادة، وأصبحت فجأة أجد “طعمة السوس” رائعة وغريبة وليس لها مثيل، فاستنتجت أن حاسة الذوق مثل كل شيء في الحياة تتطور، ومثل أي تطور معرفي نجد أن الحلاوة عندما تدخل على أي مشروب تسلبه كل صفاته الأصلية، لذلك: “عزيزي الذي لا تحب نكهة السوس، حابب قلك انو حاسة التذوق عندك لاتزال طفولية غير ناضجة، أنصحك بالتدريب الجدي من أجل البلوغ والنضوج الذوقي”.
وتتعدد الروايات التي تتحدث عن تاريخ صنع السوس لأول مرة، فتشير إحدى الروايات إلى أنه يعود إلى نحو 2300 سنة ق.م، عندما أمر الامبراطور الصيني شينونغ المزارعين في الصين بإنتاج شراب من نبتة السوس التي كانوا يعتبرونها في ذلك الوقت نبتة سحرية تقوي المسنين، أما الرواية الثانية فتشير إلى أن المصريين القدماء والبابليين هم أول من اكتشف نبتة العرقسوس، وصنعوا منها شراباً قبل الميلاد بنحو 1400 عام، في حين وجدت عروق السوس إلى جانب كنوز عديدة في قبر الفرعون توت عنخ آمون، وتنقسم الكلمة إلى مقطعين: “عرق” بمعنى جذر، و”سوس” المتأصل، وكان الأطباء المصريون يستخدمونه ضمن خلطات علاجات أمراض الكبد والأمعاء، وكان يقتصر على طبقة الملوك فقط حتى عصر الفاطميين، فأصبح مشروب العامة في شهر رمضان، ومن بعدها ظهرت مهنة بائع العرقسوس، لينتشر خلال شهر رمضان لما له من مذاق متميز.