الخبرات الجامعية لتخديم خطوط إنتاج النسيج.. والحرفيون ينعون جمعيتهم!!
دمشق – فداء شاهين
لا تنكفئ الجامعات عن الدلالة لمكامنها وكنوزها الدفينة من الخبرات والأبحاث التي تنتظر مبادرة المؤسسات للاستفادة منها، ولكن مازالت هذه العلاقات بين الجامعات والجهات التنفيذية العامة والخاصة في دوامة قيد التفعيل، أو إن حصل استفادة فتكون خجولة لا تصل إلى أمنيات بعض الكليات التي تحضر نفسها إلى مرحلة المشاركة في إعمار المؤسسات التي دمرتها المجموعات الإرهابية المسلحة، في وقت أبدت كلية الهمك في جامعة دمشق استعدادها لعرض خدماتها في إعادة ترميم وإنعاش الصناعة النسيجية التي تشتهر بها البلاد وحل المشاكل التي تعترض المؤسسات المنتجة، وخاصة أن صناعة النسيج تشكل عصب الاقتصاد.
وتحقيقاً لأهداف التعليم الجامعي بربط البحث العملي في خدمة المجتمع، وضعت مؤخراً خبرات الجامعة لتسخيرها على خطوط الإنتاج في الشركات النسيجية العامة المتبقية، ولجأت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية – كما يبين مديرها المهندس حارث مخلوف – إلى التعاون مع كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق بهدف حل المشاكل التي تعترض المؤسسات المنتجة مع المشاركة في إعمار الشركات المدمرة بالاستفادة من الخبرات العلمية، وأمل من الجامعة بالإسراع في حل المشاكل على أرض الواقع وخاصة بعد اهتمام وزارة الصناعة في تحسن جودة المنتج وللوقوف عند مشاكل الصناعات والنسيج لتطويرها، حيث كان عدد الشركات العامة 26 شركة، إلا أن الإرهاب دمرها وبقي منها 11 شركة عامة عاملة فقط بينها شركات غزل وألبسة جاهزة والسجاد.
أما عن المشاكل التي ظهرت مؤخراً واعترضت قطاع المؤسسة العامة للصناعات النسيجية، فتتمثل – بحسب مخلوف – بتأمين الأقطان التي حصل شح في مادتها الأولية التي تعتبر الأساس في الصناعة المتسلسلة بمرحلة “الغزل- النسيج والمراحل الأخرى” بسبب المجموعات الإرهابية، ولكن تم تخصيص كمية قليلة جداً نتيجة الظرف الحالي علماً أن حاجة الشركة 65 ألف طن من القطن في العام، والذي تم تأمينه بـ 5 آلاف طن من القطن المحلوج فقط، ويتم العمل حالياً ضمن الإمكانات الموجودة، وتم تأمين القطاع العام وتخصيصها بكميات من الغزول، وما زاد عن الكمية الموزعة تم توزيعها بطريقة عادلة للصناعيين النظاميين الذين يملكون منشآت، علماً أنه يتم دائماً ضبط الأسعار، وسعر الغزل في سورية أقل من السعر العالمي.
طور تجهيز
من جانبه وعد رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد يسار عابدين بطلب الدعم والاستفادة من الاتفاقيات مع الجانب الإيراني في هذا المجال. في وقت أوضح مدير عام المغازل والمناسج بدمشق الدكتور سليمان حسن أنه بعد قيام المجموعات الإرهابية بتدمير الشركة منذ عام 2017، أن الشركة بدأت حالياً في دراسة مشروع إقامة معمل الصباغة والطباعة والتجهيز في منطقة حرستا نظراً لوجود عقار ومعمل قديم تابع للشركة يمكن الاستفادة منه، حيث تم الانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية والحصول على موافقات هيئة التخطيط والتعاون الدولي ومديرية البيئة في ريف دمشق وإعداد دفاتر الشروط الحالية، وأصبح المشروع في طور تجهيز الإضبارة على أمل أن يكون العام القادم مشروع مدرج في الخطة الاستثمارية للشركة، ومن الممكن النهوض بالمشروع من خلال التشبيك مع أطراف أخرى من الدول الصديقة، كون جميع الآلات مستوردة في حين يكمن دور الكلية في صناعة جزء من آلة أو لوحة أو قطعة ما تحتاجها الآلة.
وأشار حسن إلى تكلفة المشروع التقريبية 7 مليار ليرة وممكن أن تتغير وتسعى الشركة وبدعم من وزارة الصناعة إلى إعمار الشركات المدمرة، وخاصة أن المغازل عمرها 83 عاماً، وقدمت خلال الأزمة 23 شهيداً، آملاً أن تكون المشاكل والصعوبات التي تعترض عمل الشركات هي عناوين لحلقات بحث ومشاريع تخرج في الجامعات حتى تكون مخرجات البحث العلمي مدخلات في الصناعة.
وسط محاولات
في سياق كهذا، أبدى عميد كلية الهندسة الميكانيكية الدكتور مصطفى الموالدي استعداد الكلية – التي تتألف من عدة أقسام – لتخديم أي معمل نسيج بكامله، حيث بإمكان الكلية حل الكثير من المشكلات التي تعترض تجهيزات النسيج، وسط محاولات وجهود بذلتها الكلية في معارضها منذ عام 2018، ومعرض عام 2019 و2020، مشيراً إلى أنه سيكون هناك معرض هذا العام 2021 لإظهار طاقات وقدرات الطلاب والأساتذة وعرض إنتاجهم أمام الشركات والصناعيين، علماً أن رابطة المصدرين السوريين للنسيج استفادت من بعض مشاريع المعرض الأول، في حين وضعت الأجهزة الأخرى في مخابر الكلية لخدمة الطلبة، إضافة إلى قيام شركة سيرونيكس بطلب بعض الأجهزة الطبية، كما طلبت عدة شركات ومؤسسات خاصة بعض الأجهزة، ولكن لم يكن هناك مذكرة تفاهم، ولم تستطيع الكلية تطوير هذا الموضوع، وحالياً يتم العمل على الموضوع القانوني، حيث إن توقيع مذكرات تفاهم مع غرفة الصناعة في معرض 2020، ومع نقابة المهندسين، ومع الصناعات النسيجية من شأنها أن تقونن كل ما يوجد من إنتاج الطلاب، بحيث يتم استثمار المشاريع، في وقت تتطلع الكلية إلى مشاريع الماجستير والدكتوراه وحالياً أي مشروع ماجستير أو دكتوراه سيكون هناك شركة تتبناه، إما من الناحية المالية حسب الموضوع في حال المشروع كبير وبحاجة له مؤسسة ما فتتبناه مالياً وعلمياً.
مشاريع أخرى
وأوضح الموالدي أن هناك نوعين من المشاريع منها ما تحتاجه الشركات كـ”تطوير على مكنة معينة” وهنا المؤسسة هي التي تتكفل بمصاريف التطوير.. وهناك مشاريع أخرى تقترحها الجامعة على المؤسسات، فتتبناه الجامعة مالياً ويتم الصرف للمشاريع التي تخدم المجتمع، وبإمكان الطلبة إنتاج الآلات الصغيرة للمغازل، وتصنيع بعض القطع للآلات بوجود كفاءات ولا يتم استثمارها بشكل منظم وقادرة على الإنتاج وتنفيذ المشاريع وهدف الكلية الانتقال من مرحلة عرض المشاريع إلى مرحلة تطوير مشاريع الماجستير والدكتوراه والتسويق للمشاريع.
أسوة بالصناعيين
ولمعرفة الواقع الحرفي لشريحة قطاع النسيج لم يخف رئيس الجمعية الحرفية للنسيج بدر خطاب عدم دعم الجمعية من قبل الاتحاد العام للحرفيين الذي سبب في حلها، حتى طلبات التصدير توقفت وكذلك السوق الداخلي بسبب عدم وجود الغزول ولا الكهرباء ولا المحروقات، كما لم يستطع الحرفيون الالتزام بطلبات التصدير، مشيراً إلى أن أغلبهم ترك هذه المصلحة، علماً أنه كان يوجد 200 منشأة حرفية في دمشق ونتيجة الحرب الإرهابية والصعوبات الحالية بقي نحو 50 فقط، كما هجر كثير من العمال وكلما حاولوا التأقلم مع الصعوبات تظهر صعوبات جديدة. وبين خطاب أن استيراد خيط القطن ممنوع ولا يتم توزيع خيط محلي حتى لم يحصل الحرفي على مخصصات من الغزول التي وعد بها أسوة بالصناعيين، حتى أن الاتحاد قام بحل الجمعية ولم يدعمها بالغزل ولم يتم التعاون مع الحرفيين.