حكاية البقلاوة
لكل شيء تاريخ وأصل، حتى أطباق الطعام لها حكاية وفي أغلب الأحيان تضرب بجذورها لآلاف السنين، ومن هذه الأكلات “البقلاوة” التي تعدّ واحدة من أهم الحلويات الشرقية التي يعرفها ويعشقها العالم أجمع، طبقات من العجينة الرقيقة الهشة، محشوة بالفستق الحلبي الغارق بالسكر المذاب، كفيلة بجعلها مفضّلة عند الكثيرين، حجزت لنفسها مكاناً رفيعاً بين باقي الحلويات لترتبط بالمناسبات والأعياد، لكن لأصلها تاريخ طويل ومهمّ، ولا يزال هناك خلاف عليه. فالأتراك يعتبرونها من إرثهم، ويُشاع أن أول من حضّرها طباخة السلطان عبد الحميد وتدعى “لاوة” حين طلب منها السلطان تحضير طبق خاص له، قامت باختراع هذا الصنف عن طريق وضع صفائح العجين الرقيق وحشو طبقاتها بالفستق والعسل، وعندما قدمته له قال “باق لاوة ني يا بتين” ما معناه باللغة العربية انظروا ماذا فعلت لاوة. وإكراماً للطباخة الماهرة أطلق على هذه الحلوى اسمها، لتنتشر بعد ذلك في الكثير من دول العالم. إلا أن روايات أخرى تشير إلى أن البقلاوة في شكلها البدائي شبيهة بحلوى كانت تصنع في القرن الثاني قبل الميلاد، وخاصة عند الآشوريين وبلاد الرافدين لكنها كانت محشوة بالفواكه المجففة أو المكسرات المغطاة بالعسل.
ظهرت البقلاوة أول مرة في الاحتفالات العثمانية أواخر القرن السابع عشر الميلادي، عندما قام أحد السلاطين في شهر رمضان بتوزيع صواني البقلاوة على سائر الجنود، على أن يكون لكل 10 أشخاص صينية كاملة، وباتت هذه العادة تُقدم منتصف كل رمضان عن طريق ما يُسمّى بموكب البقلاوة، حيث كان الجنود يصطفون أمام الأفران ليحملوا صواني البقلاوة فوق رؤوسهم ويسيرون نحو ثكناتهم على شكل موكب، كما كان الناس يخرجون للشوارع في هذا اليوم لمشاهدة موكب البقلاوة، لكن هذه العادة لم تستمر كثيراً. وقد تسبّبت البقلاوة بإشعال خلاف ما بين الأتراك والقبارصة اليونانيين الذين قاموا بتوزيع ملصقات ادعوا فيها أن البقلاوة طبق أصلي من اختراع القبارصة اليونانيين.
عُلا أحمد