الكتاب في عيده
سلوى عباس
يحتفل الكتاب والأدباء وصنّاع النشر باليوم العالمي للكتاب الذي افتقد الكثير من أهميته في جدول أيامنا، وقد يتذكره بعضنا فيزور المعارض التي تقام لأجله لمجرد الزيارة غالباً وليس للشراء، فأسعار الكتب لم تعد تحتمل، وهذا يؤكد أن الكتاب في تراجع، ونحن هنا نتحدث بشكل عام دون أن يغيب عن بالنا أن بعض الكتب التجارية تحقق رواجاً وتجتذب فئات معينة، لأن المقياس في إنتاج الكتاب هو احتمال رواجه كمنتج تجاري لا ثقافي، وأزمة الكتاب هي جزء من أزمة الثقافة العربية ككل، ولو أن الكتاب في حد ذاته ليس هدفاً إنما هو أداة أو وسيلة.
وكما نعرف اختارت منظمة اليونسكو 23 نيسان يوماً عالمياً للكتاب وحقوق المؤلف، تقديراً لجهود الكتاب والأدباء في إثراء المحتوى المعرفي البشري عبر العصور، وتم اختيار هذا التاريخ لأنه يحمل دلالات واعتبارات لها قيمتها وأهميتها الأدبية منها أنه يصادف عبر سنوات مختلفة ولادة أو وفاة عدد من كبار المؤلفين والكتاب والشعراء والأدباء المرموقين مثل الأديب الإنجليزي ويليام شكسبير والكاتب والشاعر الإسباني سيرفانتس، والكاتب والمؤرخ البيروفي ألاينكا غارسيلاسو دي لافيغا، وكان من الطبيعي الاحتفاء بالكتاب في هذا اليوم لإبراز مكانة المؤلفين وأهمية الكتب على الصعيد العالمي، ولتشجيع الناس عموماً.
وقد بات اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف منبراً يجمع الملايين من الناس في جميع أركان العالم، بفضل المشاركة النشطة لجميع الجهات المعنية كالناشرون والمعلمون وأمناء المكتبات والمؤسسات العامة والخاصة ووسائل الإعلام.
وفي ظل الظروف التي تحكمها الحروب والحالة الاقتصادية السيئة والأوبئة التي فرضت حالة من العزل الاجتماعي والثقافي والفكري، يشكل هذا اليوم نافذة للإطلاع على المؤلفات العربية والعالمية الجديدة من الكتب والمخطوطات، وتجديد العلاقة مع الكتاب ليعود خير الجلساء والتغلب على ظروف العزل الاجتماعي، وتقوية الروابط الإنسانية وتخفيف الشعور بالوحدة، وتحفيز قدراتنا الذهنية والإبداعية، كما يؤكد الاحتفال بهذه المناسبة على أهمية حماية حقوق المؤلف خاصة في ظل الثورة الرقمية، والعالم الافتراضي وشبكة الإنترنت، إذ تهدد هذه التقنيات حقوق المؤلف الأدبية والمالية كونها وسيلة يسيرة وغير مكلفة لنقل المعلومات والبيانات والمعارف بصورة قد لا تستطيع الهيئات والمؤسسات المعنية بالنشر ملاحقتها ومراقبتها والسيطرة على تدفقها.
لكن مهما كان وضع الكتاب العربي متردياً هذه الأيام ومهما كانت صورته قاتمة لابد أن هناك حلولاً يمكن أن تغير هذا الوضع وتزيل قتامة هذه الصورة، كمضاعفة دعم الكتاب من قبل الدولة، والتركيز على نوعية الكتب في المكتبات العامة واعتماد فكرة مكتبة الحي التي تخلق مناخاً ثقافياً صحياً للأطفال بشكل خاص، كما ينبغي توسيع مجال المكتبات لتشمل الأرياف ويمكن اعتماد المكتبات المتنقلة لهذا الغرض، إضافة لدراسة مشكلة الكتاب على مستوى وطني عام تشارك فيه وزارات الثقافة والتربية والتخطيط والتعليم العالي الخ وكل الجهات المعنية الأخرى مؤسسات وأفرادا وعدم الاكتفاء بإلقاء هذه المشكلة على عاتق وزارة الثقافة واتحاد الكتاب فقط، مع ضرورة تفعيل دور الإعلام والتلفزيون بشكل خاص في التعريف بالكتاب الجيد وتحريض دور النشر على اعتماد وسائل متحضرة لترويج الكتاب كعقد لقاءات مع الكتاب وندوات مع ضرورة التركيز بهذا الصدد على الكاتب المحلي وعدم الاقتصاد على أعلام لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.