من معاني تقدّم الرفيق الأمين العام بالترشيح لانتخابات الرئاسة
د. عبد اللطيف عمران
واضح تماماً التزام السوريين شعباً وقيادة بالاستحقاقات الدستورية الوطنية الديمقراطية رغم ظروف الحرب الظالمة والقاسية التي تستهدفهم شعباً وأرضاً ومؤسسات وطنيّة، قيماً ومبادئ وثوابت وحقوقاً، وتطلّعات أيضاً.
من غير الممكن أن ينكفئ السوريون، تحت وطأة الحرب هذه، عن الصمود والمواجهة والاستمرار في التصدي لأدواتها وأهدافها وخططها بعد هذه التضحيات الجسام الوضاءة على مدى التاريخ.
في كل استحقاق دستوري على مدى السنوات العشر القاسية انبرى السوريون، شعباً وجيشاً وقيادة ومؤسسات وطنيّة، إلى تعزيز وعيهم وأصالتهم وانتمائهم إلى الوطن وإلى العروبة، فلم ولن يقيموا وزناً، -لا قلقاً ولا خوفاً- للإرهاب وداعميه، فدأبوا ليل نهار في المزرعة والمعمل، في المدرسة والجامعة، في كافة مؤسساتهم ومنظماتهم ونقاباتهم وأحزابهم الوطنيّة على مواجهة الحرب عليهم، يقيناً منهم أن هذه الحرب لا تستهدفهم وحدهم كأشخاص، أو كوطن، بل رموزاً وطنيّة وعروبيّة شامخة وفاعلة كانت ولاتزال، وستبقى.
في هذا السياق نمضي اليوم بإقبال وإقدام ووعي للمخاطر والتحديات على التقيّد بمستلزمات وموجبات الاستحقاق الدستوري اللازم لانتخابات الرئاسة، كمضيّنا من قبله في الاستحقاقات السابقة خلال سني الأزمة – الحرب – ومن قبلها أيضاً، في تنفيذ سير العملية الانتخابية لمرشحي منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية بكفاءة وطنية عالية، وبنزاهة وشفافيّة واضحتين تماماً وبما يجسّد إرادة الشعب السوري وحقه في تقرير مستقبل بلاده، وانتخاب قيادته بكل حرية والتزام أيضاً، ولذلك أعلنت الحكومة في اجتماعها أمس أنها: (ستكون على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وإنما ينحصر دورها في تأمين سير حسن العملية الانتخابية)..
وفي هذا السياق أيضاً أعلن أمس السيد رئيس مجلس الشعب أنه (ورد إلى المجلس كتاب المحكمة الدستورية العليا رقم /6/ ص ر تاريخ 21/4/2021 المتضمن الطلب المقدّم من بشار بن حافظ الأسد بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية، والدته أنيسة، تولّد دمشق في 11/9/1965 خانة 67، وأرفقَ معه عدداً من الوثائق وتم تسجيل طلبه في سجل المحكمة الخاص بالترشيحات، ونعلمكم بواقعة تسجيل طلب ترشيح بشار بن حافظ الأسد ليتسنى لأعضاء مجلس الشعب أخذ العلم بذلك لممارسة حقّهم الدستوري فيما إذا رغبوا في تأييد المرشّح المذكور).
لا نخفيكم.. إن الجملة الأخيرة في الفقرة السابقة من إعلان السيد رئيس مجلس الشعب أثارت انتباهنا، بل حفيظتنا – إن صحّت العبارة: المرشح المذكور، على الرغم من أنها وردت نفسها بالحرف بشأن السادة المرشحين السابقين، وهذا ما دفع بنا إلى انتظار استكمال عملية الترشّح للانتخابات والتقيّد بمواد الدستور، على الرغم من إيماننا بحقنا في (المبادرة) إلى الانتصار لهذا الترشيح (رقم /6/)، وفي الانحياز الواعي والمطلق إليه، فيحقّ للبعثيين الفخر والتأييد لترشيح الرفيق الأمين العام للحزب بالصورة التي يستنسبونها، دون أن يظن أحدهم أن الرفيق الأسد مرشح جماهير البعث فقط، فقد سبقتنا قوى سياسية وطنية في (إعلان) بيان تأييد ترشيح سيادته، في سياق إدراك كافة القوى والفعاليات والتيارات الوطنية العروبية معاني هذا الترشيح السامية، وفي طليعتها تكريس سيادة الدولة، وأي دولة هذه؟، إنها الجمهورية العربية السورية التي طالما رأت في هكذا استحقاق شأناً وطنياً بامتياز، يأتي في إطار تعزيز المصلحة الوطنية والعروبية العليا، ليكون عنواناً لمرحلة قادمة يواصل فيها شعبنا تتويج نضاله وصموده وتضحياته في التصدي لأقسى أنواع الحروب، والإرهاب السياسي والاقتصادي والمسلّح الذي يستهدف الدولة والمجتمع، المبادئ والقيم والحقوق.
إننا نرى في طلب ترشيح الرفيق الأمين العام للحزب التزاماً بالدستور، وتكريساً لسيادة الدولة، وردّاً وطنياً وأخلاقياً على المحاولات المتكررة لتعطيل هذا الاستحقاق وعرقلته في إطار حرب لا شبيه لها في الحروب الأخرى التي عرفتها المنطقة والعالم، تهدف إلى إسقاط تام ونهائي للمشروع التحرري الوطني والعروبي، انطلاقاً من العمل الغادر على حرف سورية عن حضورها التاريخي بالعمل على تفتيت المجتمع والدولة والجيش أيضاً، بالرهان على الانتماءات غير الوطنية وغير الأخلاقية من عمالة وارتزاق بدت أولاً فيما بدت على أنها معارضة، لكن سرعان ما تجلّت صورتها على أنها: خائنة من جهة، وإرهابية من جهة أخرى.
بالمحصلة: وكما تردد، وقيل: فالرجل الذي بادر لقيادةِ سورية موحّدة بأفق حضورها وقوتها، لن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يخسر هذا الأفق، ولا ذرة تراب واحدة من ثراها الطاهر.