رشيد عساف يعيد الأعمال البدوية إلى أمجادها في “صقّار”
إحساس رشيد عساف الطاغي على صوته المعبّر عن الاشتياق والحنين في مناداة “شوق- نور علي” التي اختفت من المضارب في شارة البداية، شدّ انتباه المشاهدين في سورية والعالم العربي إلى جمالية الشعر البدوي بأوزانه البسيطة ومفرداته المحمّلة بالعشق “بحبال وصله للمهالك جرني، وحبه في قلبي ما يوفيه كلام” وإلى الحضور الآسر للشيخ صقّار “أنا صحيح أريد الشيخة لكني أريدها سالفة وحدة الشيخة وشوق”.
وإلى سينوغرافيا رمال الصحراء والبيئة البدوية بكل تفاصيلها المرتبطة بنغمات الربابة الحزينة ومصبات القهوة ومضارب الخيام والإبل والنوق البيضاء والخيول والسيوف والأهازيج والرقصات البدوية، تلتقي مع حركة الكاميرا المصوّرة، إضافة إلى تأثير الإضاءة الليلية بألسنة النار، كلها عناصر تألقت مع الشيخ صقّار بزيه البدوي، إذ امتلك النجم رشيد عساف كاريزما قوية صلبة إضافة إلى إتقانه اللهجة البدوية ومعايشته هذه البيئة، ما ساعد على رسم ملامح شخصية “صقار” المهيمن على القبيلة والقبائل المجاورة بانفعالاته الطبيعية وتحوّلات مزاجه وتغييرات نبرة صوته وانعكاس ملامح الغضب على وجهه بومضة خاطفة تثير المشاهد.
يأتي “صقار” ضمن خارطة رمضان بتوقيع المخرج الأردني شعلان الدباس وسيناريو دعد ألكسان- إنتاج شركتي غولدن لاين وآيسي ميديا، وبمشاركة ممثلين سوريين: قمر خلف، حلا رجب، جمال العلي وغيرهم مع ممثلين أردنيين بمشاركة خاصة لوالدة صقار جولييت عواد التي تزيده قوة وجبروتاً: “لزوم قلبك يكون مثل الصخر”، ليعيد أمجاد الأعمال البدوية بالاعتماد على نجومية رشيد عساف، الذي يشكّل المحور الأساسي للعمل الذي تدور حوله الأحداث المرتبطة بحكايات الثأر والانتقام والدسائس والغزوات والسبايا، وملاحقة شوق التي اختفت مع جنينها الذي وضعته في مكان آمن وقررت أن تربيه ليثأر لوالده من صقار.
ورغم تشعّب خطوط الحبكة والصراع الدرامي بين زوجات الشيخ صقّار وعشقه القديم لشوق، إلا أنها تبلغ ذروتها بمعرفته الضمنية بأن شوق تريد الثأر منه، ومع ذلك ينتظر لقاءَها فيتخيل طيفها بأجمل الأشعار والارتجالات في عتمة الليل. ومن المشاهد التي تعرضها الشارة يحظى صقّار بلقاء شوق بعد عشرين عاماً ليبوح لها بوجع قلبه، وتكثر التساؤلات ترى كيف ستكون نهاية عشق صقّار المحتمة بالموت ولذة الانتقام؟ وهل سيتمكن ابن شوق من الثأر؟.
قد تحمل الحلقات الأخيرة مفاجأة إذا تراجعت شوق عن قرارها، وربما يُترك الباب موارباً وتبقى النهاية مفتوحة إيماءة إلى جزء ثانٍ، ولاسيما أن الأعمال البدوية مازالت مرغوبة في عصر الدراما المتألق بالتقنيات الحديثة والسينوغرافيا المعاصرة، والأهم حياة البدو المبنية على القوة من أجل البقاء والحفاظ على الحياة وارتباطها بجزء من تاريخ المجتمعات العربية، وكل هذه الأسباب تشير إلى عودة الأعمال البدوية لتشغل مكانها في أعمال رمضان.
ملده شويكاني