سورية لمجلس الأمن: استعادة الجولان حق أبدي لا يسقط بالتقادم
جددت سورية التأكيد على أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها وستستعيده كاملاً بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي باعتباره حقاً أبدياً لا يسقط بالتقادم، مطالبة مجلس الأمن الدولي بالتحرك لضمان تنفيذ قراره رقم 497 لعام 1981 وإلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف ممارساته الاستيطانية وإجراءاته القمعية بحق أهلنا في الجولان والانسحاب من كامل الجولان حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ في بيان قدمه لرئاسة المجلس خلال جلسة اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والجولان السوري ومزارع شبعا في جنوب لبنان منذ ما يزيد على خمسة عقود يذكّرنا من جديد بإخفاق مجلس الأمن في النهوض بمسؤولياته لحفظ السلم والأمن الدوليين وعجزه عن إلزام كيان الاحتلال الإسرائيلي بالانصياع للإرادة الدولية وإنهاء احتلاله للأراضي العربية، الذي يعد العامل الرئيس لاستمرار عدم الاستقرار في منطقتنا.
وأوضح صباغ أن بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، كرّست خلال العقود الخمسة الماضية كل إمكانياتها لدعم وحماية الاحتلال الإسرائيلي والتغطية على ممارساته الإجرامية والقمعية الممنهجة بحق أهلنا في الأراضي العربية المحتلة وضمان إفلات مجرمي الاحتلال من أي مساءلة أو عقاب عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبونها في تناقض تام مع مسؤوليات هذه الدول وواجباتها تجاه إعلاء مبادئ الميثاق وحفظ السلم والأمن الدوليين.
تحدٍّ غير مسبوق للإرادة الدولية وقراراتها
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن الانحياز الأمريكي الصارخ لكيان الاحتلال الإسرائيلي بلغ حداً غير مسبوق في ظل الإدارة السابقة التي قامت بإجراءات انفرادية استفزازية غير شرعية لقيت إدانة قوية وواضحة من سورية ومعها الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء التي أكدت أن إعلان إدارة دونالد ترامب بشأن الجولان السوري المحتل والقدس المحتلة تصرفات أحادية الجانب صادرة عن طرف لا يملك الأهلية السياسية ولا القانونية ولا الأخلاقية ليقرر مصائر شعوب العالم أو ليتصرف بأراض هي جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية وفلسطين المحتلة، وبين أن فشل مجلس الأمن في الاضطلاع بمسؤولياته في ظل الدعم الأمريكي لكيان الاحتلال الإسرائيلي يشجع الاحتلال على مواصلة اعتداءاته على الأراضي السورية، في انتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974 المتعلق باتفاقية فصل القوات، واستمرار الكيان في تكريس احتلاله للجولان السوري عبر فرض سياسة الأمر الواقع والتمييز العنصري والممارسات التعسفية بحق أهلنا في الجولان، في استهتار واضح بالقانون الدولي وتحد غير مسبوق للإرادة الدولية ولقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة ولا سيما القرارات “242 و338 و497”.
وأشار صباغ إلى أن الاحتلال الإسرائيلي صعد ممارساته التوسعية في الجولان السوري المحتل عبر تكثيف مخططات وعمليات الاستيطان على أنقاض القرى والأراضي التي دمرها، وكان أحدثها مخطط التوربينات الهوائية الذي يتضمن الاستيلاء على أكثر من ستة آلاف دونم من الأراضي التي تعود ملكيتها لأبناء قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية وتهجير أبنائها من منازلهم وأراضيهم، إضافة إلى مواصلة الاحتلال ممارسة التمييز العنصري والاعتقال التعسفي الذي طال أكثر من ثلثي أبناء الجولان والخطف والتعذيب والتهجير والتغيير الديمغرافي، فضلاً عن سرقة موارد الجولان الطبيعية عبر التنقيب المستمر عن الثروات الباطنية ونهب التراث الأثري السوري وتزوير وتخريب المواقع والمعالم التاريخية والأثرية والتي تهدف إلى طمس هويتها العربية السورية وتهويدها، وبين أن الاحتلال الإسرائيلي يستمر منذ العام 1967 بمنع بعثات تقصي الحقائق التي أنشأتها الأمم المتحدة بما فيها المنشأة بموجب قرارات جمعية الصحة العالمية من الوصول إلى الجولان السوري المحتل لتقصي الأوضاع فيه وتقديم توصيات بشأنها، كما يمنع منظمة الصحة العالمية من الوصول غير المشروط إلى أبناء الجولان لتقييم أوضاعهم وتلبية احتياجاتهم الإنسانية ولا سيما في ظل انتشار وباء كورونا متجاهلا قرارات الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي ذات الصلة وقرارات جمعية الصحة العالمية.
الضغط على “إسرائيل” لفتح معبر القنيطرة
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل منذ الـ 27 من آب لعام 2014 إغلاق معبر القنيطرة الذي يمثل الشريان لتواصل أهلنا في الجولان السوري المحتل مع وطنهم الأمر، الذي يتطلب من المجتمع الدولي الضغط على “إسرائيل” بصفتها قوة قائمة بالاحتلال لفتح المعبر، فوراً لافتاً إلى أن الاحتلال يستمر بزرع وتجديد حقول الألغام في الجولان ما يؤدي إلى وقوع شهداء وإصابات بين أهلنا في الجولان معظمهم من الأطفال، فضلا ًعن قيامه بدفن نفايات نووية في عدد من المواقع على أراضي الجولان السوري في انتهاك خطير للقانون الدولي والاتفاقات الدولية ذات الصلة ما يشكل خطراً بيئياً داهماً على المنطقة وأبنائها.
وأعاد صباغ التذكير بالقرار الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان مؤخراً وجدد فيه إدانته انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الجولان السوري المحتل وإدانته سياسات الضم والاستيطان الاستعماري التي ينتهجها الاحتلال وطالبه بوقف محاولات تغيير الوضع القانوني والطابع الديمغرافي والعمراني في الجولان، والتي تشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981، وبالامتثال لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والكف عن ممارساته القمعية كما شدد القرار على عودة النازحين من الجولان إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، وأعرب عن الاستياء من موافقة سلطات الاحتلال على البدء بإقامة مخطط التوربينات الهوائية على الأراضي الزراعية في الجولان السوري المحتل وطالبه بالوقف الفوري لجميع الإجراءات المتعلقة بهذا المخطط الاستيطاني وجميع محاولات خلق وقائع على الأرض لإطالة أمد الاحتلال.
ولفت صباغ إلى أن قرار مجلس حقوق الإنسان أكد مجدداً عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967، كما حث القرار الدول والمنظمات الدولية على ضمان عدم اتخاذ أي إجراءات تشكل اعترافاً بالممارسات والإجراءات غير القانونية التي يتخذها كيان الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة وعلى الامتناع عن تقديم أي مساعدات لأغراض ذات صلة بالمستوطنات الإسرائيلية.
استمرار تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة
وأعرب صباغ عن أسف سورية لاستمرار تقارير الأمانة العامة بتجاهل الواقع الخطير والممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة بحق أهلنا الرازحين تحت الاحتلال والتداعيات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن هذا التجاهل على السلم والأمن الدوليين، مجدداً دعوة سورية مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط “تور وينسلاند” إلى الالتزام بالولاية المنوطة به وأن يولي الوضع في الجولان السوري المحتل الاهتمام اللازم، وأن تكون مسألة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وممارساته من أولويات ولايته وجهوده.
وشدد صباغ على دعم سورية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس مع ضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقا ًللقرار رقم 194 لعام 1948 وتأكيدها على أن أي إجراءات أو صفقات لا تتوافق مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ولا تحفظ الحقوق الفلسطينية الراسخة مرفوضة شكلاً ومضمونا وهي غير قابلة للحياة أصلاً، مجدداً مطالبة سورية بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.