بايدن يعترف رسمياً بالإبادة الأرمنية
تدفّق آلاف الأرمن السبت إلى نصب تذكاري على تلة في العاصمة يريفان في الذكرى السادسة بعد المئة للمجزرة التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني في عهد السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، فيما اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن رسمياً اليوم بتعرض الأرمن للإبادة الجماعية في عهد العثمانيين.
ونقلت رويترز عن بايدن قوله في بيان أصدرته الإدارة الأمريكية إن “المذبحة التي تعرض لها الأرمن أواخر عهد الدولة العثمانية والتي بدأت باعتقال مفكريهم وزعمائهم في الـ 24 من نيسان 1915 تمثل إبادة جماعية”.
وجاء في البيان إن “الشعب الأمريكي يكرم الأرمن الذي لقوا مصرعهم بالإبادة التي بدأت في مثل هذا اليوم قبل 106 أعوام”، مضيفاً “نحن نؤكد التاريخ.. لا نفعل ذلك لإلقاء اللوم على أحد وإنما لضمان عدم تكرار ما حدث”.
وبذلك يكون بايدن أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل نحو مليون ونصف المليون أرمني على يد العثمانيين بين عامي 1915 و1923 بأنه إبادة.
ورحب رئيس الوزراء الارميني نيكول باشينيان بالقرار التاريخي للرئيس الاميركي، معتبرا انه “خطوة قوية جداً لصالح العدالة والحقيقة التاريخية”.
يذكر أن الكونغرس الأمريكي اعترف بالإبادة الجماعية للأرمن في عام 2019 في تصويت رمزي لكن الرئيس الامريكي آنذاك دونالد ترامب رفض استخدام هذه العبارة واكتفى بالحديث عن “واحدة من أسوأ الفظائع الجماعية في القرن العشرين.
وطوال عقود مارست الجالية الأرمنية ضغوطا للحصول على اعتراف دولي بأن ما تعرض له 1,5 مليون أرمني “إبادة جماعية”.
واعتبرت نحو ثلاثين دولة والاتحاد الأوروبي ما حدث “إبادة جماعية”، كما طالبت يريفان تركيا بتعويضات مالية وبإعادة حقوق الملكية لأحفاد الذين قتلوا في المجازر في 1915-1918.
يريفان: الإفلات من العقاب يولد جرائم جديدة
وفي هذا السياق، ودعا الرئيس الأرميني أرمين سركيسيان دول العالم إلى إدانة جريمة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الأرمني على يد تركيا العثمانية وتسمية مرتكبيها بأسمائهم ومعاقبتهم لأن الإفلات من العقاب يولد جرائم جديدة.
وقال سركيسيان في رسالة إلى الشعب الأرمني بمناسبة الذكرى الـ 106 للإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين “على العالم أن يدرك أن سياسة إسكات جريمة الإبادة الجماعية للأرمن وتركها في الماضي أو إنكارها قد استنفدت نفسها منذ فترة طويلة فالإبادة الجماعية جريمة ضد الإنسانية جمعاء واللامبالاة والإفلات من العقاب يولد جرائم جديدة وينبغي تسمية هذه الجرائم ومرتكبيها بأسمائهم”.
وأضاف سركيسيان “لا يزال ألم خسارة الأرواح والأراضي الهائلة التي عانى منها الشعب الأرمني منذ أكثر من مئة عام في قلوبنا ويذكرنا بأن حق هذا الشعب في العيش بسلام وأمان والتطور في وطنه انتهك أولاً في الدولة العثمانية واليوم في منطقة آرتساخ”، وشدد على أن الأحداث تثبت مرة أخرى أن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن وإدانتها ضروريان لضمان السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.
بدورها أكدت وزارة خارجية أرمينيا أن الشعب الأرمني في أرمينيا والشتات عازم على النضال من أجل العدالة والحقيقة التي تحاول القوة الغاشمة للنظام التركي إنكارها لا بل تواصل أعمالها العدائية ضد الشعب الأرمني.
وقالت الوزارة في بيان لها “سيستمر هذا الكفاح حتى تجد تركيا القوة للاعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية واتخاذ تدابير للقضاء على عواقبها” مشيرة إلى أن بقاء مرتكبي هذه الجريمة دون عقاب يلهم أولئك الذين يخططون لجرائم دولية جديدة.
وأضافت الوزارة “إن الإبادة الجماعية الأرمنية التي وقعت في بداية القرن العشرين كانت جريمة منظمة لم يسبق لها مثيل في حجمها استهدفت الشعب الأرمني الذي يعيش في الإمبراطورية العثمانية وقتلت 1.5 مليون أرمني”.
أول جريمة في القرن العشرين ترتكب ضد الإنسانية
من جهته أشار قداسة كاثوليكوس عموم الأرمن كاريكين الثاني إلى أن الإبادة الجماعية للشعب الأرمني هي أول جريمة في القرن العشرين ترتكب ضد الإنسانية. وقال قداسة الكاثوليكوس في رسالة له بذكرى الإبادة الجماعية “لقد مر أكثر من قرن على إبادة الأرمن التي خططت لها ونفذتها تركيا العثمانية.. شعبنا الذي تعرض للإبادة انتشر في كل أنحاء العالم تاركاً مليوناً ونصف المليون شهيد في وطنهم التاريخي”.
وأكد الكاثوليكوس أهمية تعزيز الوحدة بين أبناء الشعب الأرمني والعمل على حماية حقوقهم من أجل بناء مستقبل مزدهر ومشرق.
وفي أنقرة، دعا النائب في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي غارو بايلان إلى قراءة جديدة للتاريخ ولما عانى منه الشعب الأرمني على أيدي الدولة العثمانية قبل سنوات والاعتراف بالإبادة التي تعرض لها.
وقال بايلان في مذكرة رسمية قدمها إلى البرلمان اليوم بمناسبة ذكرى الإبادة التي تعرض لها الأرمن “يجب أن نسمي الأمور بمسمياتها فالمعاناة المأساوية الأليمة التي تعرض لها الشعب الأرمني خلال الحرب العالمية الأولى كانت إبادة جماعية وتطهيراً عرقياً بكل ما تعنيه هذه الكلمة سياسياً وإنسانياً وأخلاقياً استهدفت الشعب الأرمني برمته”. وأضاف “إن هذه المأساة تسببت بمقتل أكثر من مليون من الأرمن الذين كانوا يعيشون في أراضيهم داخل حدود تركيا الحالية كما تم تهجير ما تبقى منهم إلى سورية والعراق”. وشدد على أن الوقت حان كي تعترف الدولة التركية وبرلمانها بهذه الإبادة وتعتذر من الشعب الأرمني وتقاضي كل من كان مسؤولاً عن هذه الإبادة التي لم يتعرض لها أي شعب في التاريخ.
وفي بيروت، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون وجوب تحقيق العدالة في قضية الإبادة الجماعية ضد الأرمن، وأشار إلى أن “ما أصاب الشعب الأرمني بالسيف، أصاب الشعب اللبناني بالمجاعة، والفاصل الزمني كان سنة واحدة”، وشدد على “الوقوف بحزم إلى جانب الشعب الأرمني في نضاله من أجل الاعتراف بقضيته العادلة وإزالة التعمية التي تغطي دماء ضحايا الإبادة الأرمنية بستار الإنكار من جهة واللامبالاة من جهة ثانية”.
وأضاف عون: “في ذكرى مرور مئة وست سنوات على المجازر التي تعرض لها الشعب الأرمني الذي يشكل اليوم جزءاً من نسيج لبنان نؤكد وجوب تحقيق العدالة في هذه القضية المشينة التي تثقل ضمير العالم من دون أن تدفعه إلى التحرك لاتخاذ قرار تاريخي يميز بين الجلاد والضحية”.