الانتخابات الرئاسية.. مساراً ومصيراً
أحمد حسن
تكاد مهلة تقديم طلبات الترشّح القانونية للانتخابات الرئاسيّة تشارف على نهايتها. يوم الأربعاء هو الموعد الأخير الذي تبدأ بعده المحكمة الدستورية في دراسة أوراق المرشّحين وفق منطوق قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014 بهدف تحديد أسماء المقبولين ممن حققوا الشروط اللازمة لاستكمال السباق الرئاسيّ.
العملية التي تسير في طريقها الدستوري والقانوني والشعبي المعتاد، تواجه أيضاً محاولات عرقلة معتادة أيضاً، وأمام “صدمة” الأعداد التي تقدّمت بطلبات ترشّحها، حتى الآن، وغير المسبوقة منذ أول اقتراع لانتخابات رئاسيّة قبل حوالي تسعة عقود، انتقلت محاولات العرقلة للعمل أيضاً على مسار مواز للخط السياسيّ، وهو الميدان – وذلك هو الهدف الأبعد لاستفزازات الميليشيات المدعومة أمريكيّاً في الجزيرة السورية – فيما السياسة – التي اتضح بهتان حجتها وخطلها وضعفها – بدأت تأخذ صفة “الفجور” بعد أن تدرّجت من “مزحة” البكاء على الشعب السوري وحقوقه وحرياته المهدورة!! إلى “جريمة” مصادرة حقه بالكامل في إبداء رأيه فيمن يحكمه، بل وأكثر من ذلك، إلى “فضيحة” نزع الشرعية عن سوريين كثر عبر المصادرة المستقبلية لأصواتهم، الموافقة أو الرافضة، بالقول إن الانتخابات “لن تكون حرّة ونزيهة وذات مصداقية”!!، وهذا الكلام وإن كان لا يمكن أن يصدر إلّا من أهل وجماعة “فك المربوط وجلب الغائب”، إلا أنه ليس غريباً عليهم فقديماً قال وزير أوروبي: “إن قانون الأحزاب الجديد في سورية استفزازّي” دون أن يعرف أحد، حينها، ما الذي استفزّه تحديداً !! وما علاقته بقانون داخلي لدولة ذات سيادة كاملة بحسب منطوق القانون الدولي!!.
لكنّ الطامة الكبرى هي في استمرار بعضهم، في العزف على اسطوانة قرار مجلس الأمن الدولي 2254، ومندرجاته، وهؤلاء لا بدّ من إعادة تذكيرهم بأن احترام الدستور السوري، بمواعيده واجراءاته الملزمة، أمر أهمّ وأخطر من أن يترك على رفوف انتظار تطبيق قرار أممي يعرف القاصي والداني هويّة من يمنع تطبيقه إلا إذا جاءت النتائج النهائية وفق قراءاته المنحازة ومخططاته المرسومة سلفاً له، ولنا في القرارات الأممية المتعلقة بحقوقنا والممنوعة من التطبيق بقرار غربي كامل خير دليل.
بهذا المعنى، يمكن القول: إن أغلبية الاعتراضات التي تصدر من بعض من هم بصفة وزير خارجية أو ممثّل أعلى لاتحاد قارّي كبير وقديم، تؤكّد، مرة جديدة، حاجة هؤلاء لاتّباع “كورس” مكثّف في القانونين الدستوري والدولي كما في شرعة الأمم المتحدة ونظامها الأساسي ليعرفوا، ويتعرّفوا، أولاً، على آليات الانتخابات المختلفة بين دولة إلى أخرى، وليعلموا، ثانياً، من هو صاحب الحق الوحيد والحصري بمنح الشرعية وحجبها، وبالطبع لن نتحدّث عن ضرورة اتّباع هؤلاء لـ”كورس” في الأخلاق وما يشبهها فذلك أمر لا يدّ لهم فيه ولا فائدة تُرجى منه بشأنهم بالمحصلة النهائية.
بيد أن الدرس الذي يجب علينا استذكاره، نحن السوريين، بسيط للغاية ومفاده أنه لا أحد يولد ديمقراطياً كما يشيع البعض، وإن الديمقراطية لا تأتي بالأمنيات والبيانات المنمّقة، بل هي تنقاد، فقط، لمن يثابر عليها بالعمل الدؤوب أولاً، تنظيراً وممارسة، والقبول، ثانياً، بآلياتها ونتائجها، فلا ديمقراطية دون ديمقراطيين، ولا ديمقراطيين دون انخراط فعلي في لجّة الواقع الحقيقي، تثبيتاً أو تغييراً بحسب الحاجة، بعيداً عن تنظيرات الصالونات الفخمة والمقاعد الوثيرة، ومؤخراً مواقع التواصل الاجتماعي بهدف جمع “لايكات” لا تغني ولا تسمن من جوع، في الوقت الذي لازال الميدان الانتخابي مفتوحاً لهم لاختبار “شعبيتهم” التي يتحدّثون وكأنها مضمونة في جيبهم “الديمقراطي” الصغير!!، فيما الواقع، والوقائع، يقولان إنهم لا زالوا بانتظار “خارج” يقدّم لهم السلطة على طبق من عمالة لن يكونوا، بحسب دروس التاريخ المستفادة، إلّا أحد مكوّناته الزائدة على أفضل تقدير. فهل من معتبر؟؟!!.