مخاوف من عودة العنف والانقسام إلى ليبيا.. ومرتزقة أردوغان أبرز التحديات
تقرير إخباري:
يبدو أن حادثة منع أفراد الحماية والمراسم التابعين لحكومة عبدالحميد الدبيبة من مغادرة مطار بنغازي ستكون لها تداعيات على التوافقات الداخلية والتقدّم السياسي الحاصل لحل الأزمة الليبية، فيما تتصاعد المخاوف من إصرار نظام أردوغان على استغلال مجموعات المرتزقة لتحقيق أجنداته “العثمانية” داخل ليبيا وفي شمال أفريقيا، وتعزيز أوهامه التوسعية.
وأولى الردود جاءت من إبراهيم أبو جناح، نائب رئيس الحكومة الليبية، حيث اعتبر، الثلاثاء، منع انعقاد اجتماع الحكومة في مدينة بنغازي بأنه “سعي لاستمرار حالة الانقسام”، مشيراً إلى أنه “لا مصلحة لأي طرف وطني بأن تدخل ليبيا لدوامة الانقسام والعنف مجدداً”.
والأحد، أرجأ الدبيبة زيارته إلى بنغازي (شرق)، “على أن يتم التحضير لموعد لاحق في أقرب وقت ممكن”، إثر منع الجيش الوطني الحماية الأمنية من مغادرة المطار ومرافقة الوفد الحكومي. وقال مصدر من الجيش الوطني الليبي عقب الحادثة: إن “المرافقة الأمنية التي تمّ إرسالها من العاصمة طرابلس إلى مدينة بنغازي لتأمين وتنسيق زيارة واجتماع الوفد الحكومي مستفزة ومبالغ فيها”، وأضاف: ‘ن وجود ذلك العدد الكبير من العناصر الأمنية هدفها التشكيك في قدرة القوات الأمنية والعسكرية الموجودة على الأرض في تأمين أعضاء الحكومة في بنغازي.
واتهم مصدر في الجيش الوطني الليبي بعض العناصر الموجودة ضمن المرافقة الأمنية بأنها كانت جزء من الميليشيات المسلحة، التي قاتلت الجيش الليبي خلال هجومه على العاصمة طرابلس لتحريرها من الإرهاب.
ويبدو أن الحادثة، الناجمة عن ضعف التنسيق قبل الزيارة، ستكون لها تأثيرات كبيرة على المشهد السياسي الحاصل في البلاد. لكن مراقبين يؤكّدون أن المشكلة أعمق بكثير من مجرد غياب التنسيق، خاصة وأن الدبيبة اتخذ مسارات أغضبت الجيش الوطني الليبي فيما يتعلّق بالتمسّك باتفاقية ترسيم الحدود مع نظام أردوغان وبالنفوذ التركي عموماً.
ويظهر جلياً أن التدخلات الأجنبية، وخاصة التركية منها، تؤثّر بشكل كبير على المسار السياسي، وهو ما حذّرت منه قوى دولية ومحلية متخوّفة من عودة البلاد إلى مربع العنف في حال لم يتمّ الالتزام بقرار سحب المرتزقة والتواجد الأجنبي.
وفعلاً بدأت بعض المخاطر التي تهدد العملية السياسية، حيث تحدّثت المجموعات المسلحة الموجودة في طرابلس، الاثنين، عن رصد تحركات عسكرية لرتل مسلح للجيش الوطني الليبي قرب منطقة الشويرف، جنوب شرق طرابلس، معتبرة ذلك تعارضا ونقضاً لاتفاق 5+5 لوقف إطلاق النار الموقّع في جنيف نهاية تشرين الأول، والذي نصّ على انسحاب كل المرتزقة الأجانب من ليبيا خلال 3 أشهر من ذلك التاريخ، لكن ذلك لم يتمّ، وفق دلائل على الأرض.
ورغم أن الجيش الوطني لم يؤكّد المعلومات، لكن يبدو جلياً أن الوضع من الممكن أن ينهار في أي وقت بسبب التدخل التركي، الذي أصبح يؤرّق كل الراغبين في إنهاء الانقسام وعودة الدولة الليبية.
ويحتفظ نظام أردوغان بقوات على الأرض، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مرتزق سوري أرسلهم إلى غرب ليبيا للمقاتلة إلى جانب ميليشيات “الوفاق” ضد الجيش الوطني الليبي، وهو ما يزيد من توتير الأجواء، في بلد يسعى تدريجياً إلى إعادة الاستقرار وتوحيد مؤسساته، فيما تتخوّف دول، مثل مصر والجزائر وتونس، من تداعيات انتشار السلاح في ليبيا وإمكانيات تهريبه الى أراضيها، وهو ما دفع مسؤولين مصريين وجزائريين إلى زيارة ليبيا.
والجيش الوطني الليبي من بين المطالبين بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وفي مقدمتها قوات الاحتلال التركي، من ليبيا امتثالاً لما تمّ التوصل إليه في جولات الحوار السياسي، لكن إلى الآن لم يتمّ تفعيل ذلك، بل على العكس عبّر مسؤولون في الحكومة عن تمسّكهم باتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل مع أردوغان.