ابن سلمان يتراجع عن مواقفه: إيران جارة ونطمح إلى إقامة علاقة مميزة معها
أكد ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان أن “المملكة تطمح إلى إقامة علاقة جيدة ومميزة مع إيران باعتبارها دولة جارة”، في تراجع لافت عن مواقف نظامه السابقة؛ تراجع فرضته ضغوط عسكرية وسياسية واقتصادية، بدءاً من العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي باشرت ضغوطاً سياسية وتسليحية على نظامه، ومروراً بفشله في تحقيق أي من أهدافه المعلنة في العدوان على اليمن، وأخيراً، الصعوبات الاقتصادية المتعلقة بتراجع أسعار النفط وتداعيات وباء كورونا.
وخلال مقابلة بثتها وسائل الإعلام السعودية، أشار ابن سلمان إلى وجود إشكاليات مع إيران يعمل النظام السعودي على حلها مع شركائه، معرباً عن أمله في تجاوز كل الإشكاليات.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك أي عمل جارٍ على تسوية القضايا العالقة بين الطرفين، وعلى عكس مواقفه الحادة السابقة تجاه طهران، أبدى رغبة في إصلاح العلاقات، وقال: “أخيراً إيران دولة جارة، نريد أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران”، كما أوضح قائلاً: “لا نريد أن يكون وضع إيران صعباً، بالعكس نريد إيران مزدهرة، لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في السعودية لدفع العالم والمنطقة للازدهار”.
ولي عهد النظام السعودي أشار إلى “أننا نعمل اليوم مع شركائنا في العالم لإيجاد حلول لمشاكلنا ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقاتنا طيبة وإيجابية في منفعة الجميع”.
وأقرّ ابن سلمان بزيادة “هامش الاختلاف” مع الولايات المتحدة تبعاً لتبدّل الإدارة، لكنه قلل من شأن الخلاف مع الرئيس الأميركي جو بايدن. وبينما أشاد بـ”الشراكة الاستراتيجية” الممتدة لـ 80 عاماً مع الولايات المتحدة، رأى أنها عادت بالنفع على بلاده وأيضاً على أميركا، التي لولا النفط السعودي “لن تكون في وضعها الحالي اليوم”!
وفي الملف اليمني، تغيّرت نبرة ابن سلمان، الذي استهلّ سلطاته كوزير دفاع حينها بالعدوان العسكري على اليمن عام 2015، إذ قال: “المملكة عرضت وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي لليمن وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات”، حسب تعبيره، وأضاف: إنه يتمنى أن يجلس “الحوثيون” إلى “طاولة المفاوضات مع جميع الأقطاب اليمنية للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن مصالح دول المنطقة”.
ويؤكد مراقبون أنه مع اتخاذ إدارة بايدن موقفاً أشد فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان في السعودية، وضغطها من أجل إنهاء حرب اليمن، يتحرّك ابن سلمان لإظهار أنه شريك مهم وقادر على المساعدة في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ويضيفون: “تحتاج السعودية بشدة إلى إيجاد سبيل للخروج من حرب اليمن التي لا تحظى بدعم شعبي، ولا يمكن أيضاً الانتصار فيها”.
وكانت طهران أكدت أكثر من مرّة أن “نجاح جهود الوساطة بين إيران والسعودية رهن بتغيير الرياض نهجها المثير للتوتر”.
وفي السياق نفسه أكد معاون قائد قوة القدس في حرس الثورة الإيرانية، رستم قاسمي، أن “الجمهورية الإسلامية دولة تريد السلام والمحبة في المنطقة، ونمد أيدينا لجميع الدول”، ونوّه إلى أن “خطوطنا الحمر في العلاقات الدولية هي عدم التفاوض مع كيان الاحتلال الإسرائيلي فقط”، معتبراً أنه يمكن أن يكون هناك تعاون دبلوماسي وسياسي واقتصادي مع جميع الدول، ومنها الدول الغربية.
وبحسب قاسمي، فإن إيران دولة ثرية ومميزة في عدة مجالات، ولذلك يجب أن يكون لديها سياسات اقتصادية داخلية واضحة لتغيير الظروف، وفق تعبيره، مضيفاً أن “الشعوب والدول العربية جيران لإيران وما نتمناه هو أن يعمّ السلام في المنطقة”، وأضاف: إن “في السعودية مكة المكرمة وهي قبلة المسلمين ونحن نرغب في أن يكون هناك علاقات معها”، مشيراً إلى أن “في إيران 80 مليون نسمة ويمكن للسعودية أن يكون لديها مصالح معنا ولاسيما في مجال الطاقة”.
ووفقاً له، فإن “العلاقة بيننا وبين السعودية علاقة استراتيجية وهذا ما يراه المسؤولون الإيرانيون”، قائلاً: “إن العلاقات الحسنة بين إيران والسعودية ستصب في مصلحة الشعبين”.