العقوبات الاقتصادية والقوانين البالية تقيد بورصة دمشق.. والتحايل سيد الموقف
دمشق – فاتن شنان
لا شك أن نشاط هيئة الأوراق والأسواق المالية مرتبط بشكل وثيق بالنشاط المالي والاستثماري من جهة، وبالنشاط الاقتصادي العام من جهة أخرى، وكلاهما مؤثران بشكل مباشر في عملية الاستثمار بصورة التداول في البورصة- بيع وشراء الأسهم- إلى جانب إنشاء الشركات المساهمة الجديدة، ولكن لايزال سوق دمشق للأوراق المالية بعيداً عن شغف المستثمرين، وطموح المدخرين الصغار، رغم مزايا الاستثمار الآمن والمضمون لمن يرغب، ولم تنجح سنوات العقد المنصرمة على انطلاقته في توسيع قاعدته ورواده، سواء للشركات أو المستثمرين، فمتى ستشهد بورصة دمشق تغيراً فعلياً في أدائها لتشكّل نقطة جذب استثمارية، وتقطع الطريق أمام الاستثمارات الملغومة؟!.
مقبول ولكن
يعتبر وضع سوق دمشق مقبولاً، بحسب رأي مدير عام هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عابد فضلية، فرغم الضغوطات الاقتصادية الممارسة، وقانون قيصر على الاقتصاد الوطني، إلا أن السوق لم يتوقف ويعمل بالحد الأدنى، معتبراً استمراريته بالعمل مؤشراً إيجابياً ضمن الظروف الراهنة، بالتوازي مع جهود مبذولة لتنشيط التداول في البورصة، وتشجيع الاستمرار من خلال رفع وتيرة النشاط الاقتصادي للشركات المساهمة العامة وغيرها.
لدينا الوقت
يصر فضلية على ضرورة إعادة النظر ببعض الحالات التشريعية والرقابية والتنظيمية التي تستوجب المعالجة الفورية، مبيّناً أن هناك المزيد من الوقت للتركيز على إعادة النظر بالبنية التشريعية لعمل الهيئة والسوق والشركات، حيث تصادف عمل السوق حالياً الكثير من الحالات الاستثنائية لا تكون معالجتها ممكنة ضمن الضوابط والتشريعات المعتمدة، لاسيما أنها تعود لفترة ما قبل الحرب، نحاول معالجتها بالالتفاف بشكل قانوني لإيجاد مخرج لها، وأية مسألة تتم معالجتها لا نعتمد بذلك على التشريعات القديمة إلا كمرجع فقط، بل نبحث عن إمكانية تعديلها في إطار الضوابط والأصول القانونية، ليصبح التعديل قاعدة أساسية، لذلك من الأولى صياغة تشريعات تتناسب مع الواقع الحالي، ومع شدة العقوبات الاقتصادية والضغوط الداخلية والخارجية.
قرارات معيقة
على الرغم من أن المرحلة تستوجب عصفاً فكرياً وإجراءات عملية سريعة تواكب تغيراتها، إلا أن الواقع لا يترجم ذلك بحسب فضلية، مشيراً إلى أن القرارات والتعاميم وآليات التنفيذ المعيقة مازالت قائمة رغم عرقلتها لتنشيط الاقتصاد الوطني، مدللاً بمثال حول توحيد سقوف السحب من المصرف المطبق على كل من التاجر والصناعي والمواطن، رغم اختلاف غايات السحب، وكذلك الضوابط المتبعة لسقف السحب اليومي من القطع الأجنبي من المصارف الحكومية والخاصة تطبق على المستورد وعلى من يريد سحب قطع أجنبي من حسابه لغايات غير تجارية كالسياحة والمعالجة الطبية الخارجية، وبذلك يمكن اعتبار هذه الإجراءات مؤذية اقتصادياً، وتدخل بحسب رأيه تحت عباءة قانون قيصر الأشد الذي لم يصدر بعد بعقلية يمكن وصفها بأنها غير “مرنة” بحسب رأيه، إذ يفترض أن يسبق مرحلة صدور القرارات تفكير منطقي وشامل لكافة الحالات التي قد تعترض مساراتها، واشتماله على بنود إضافية تراعي التفاصيل ذات الأولوية.
روح القانون
يبدو أن العمل بروح القانون، في ظل غياب تعديل التشريعات والإجراءات اللازمة، أصبح ضرورة ملحة لتجاوز الحالات الطارئة ومعالجتها، ويمكن اعتبار تدخل الجهات الحكومية واللجان المحدثة في المصرف المركزي لمواجهة الارتفاع غير المبرر والمفهوم لسعر الصرف خير مثال لما طرحه فضلية، مشيراً إلى أن ثبات سعر القطع لفترة زمنية طويلة نسبية يحدث نوعاً من الارتياح وعدم التوتر في المناخ الاستثماري والتجاري والإنتاجي، ما يؤدي إلى تحريك الفكر الاستثماري الذي أوقف أو تعطل نتيجة التقلبات، وبالتالي ستحمل الفترة القادمة تحسناً من حالة الحد الأدنى للسوق إلى حالة أفضل، لاسيما أن الحراك الاقتصادي مرتبط بالجانب العسكري والسياسي الذي يشهد نوعاً من الانفراج أيضاً، بالتوازي مع توفير الجهات الحكومية بيئة أفضل وهادئة استثمارياً وتشريعياً، والترويج بأن الاستثمار أصبح آمناً ربحياً وأمنياً، وأشار إلى جملة من المتغيرات المستقبلية الاقتصادية تلوح في الأفق وتنعكس بشكل مباشر على مستوى الاقتصاد الكلي، بنى عليها فضلية تفاؤله، منها التفاهمات مع الدول المجاورة، وفتح المعابر، سواء بتصريحات علنية، أو بزيارات ودية، ترافقها حركة نشاط تجاري، وتعتبر مؤشرات اقتصادية هامة ومتكاملة من شأنها تعزيز الوضع الاقتصادي والاستثماري مستقبلاً.